الاسئلة الصحفيّة الموجهه إلى الإدارة العامة للمرور، والتي تم نشرها في جريدة “عُمان” بتاريخ 29 ديسمبر 2014م، باستضافة المقدم بدر بن سليمان الفارسي ـ رئيس قسم الشؤون القانونيّة ـ بالإدارة العامة للمرور نستعرضها في الموضوع التالي:
س1: ما هي نظرة شرطة عمان السلطانية حول الوضع المروري وأنظمته؟
أضحت الأنظمة المرورية محل اهتمام وطني ودولي كبير، لما لها من دور حيوي في تنظيم حركة الأفراد وتنقلاتهم من مكان إلى آخر باستخدام وسائل النقل وبشكل يؤمن الحفاظ على حياتهم وسلامتهم، خاصة بعد تصاعد وتيرة الحوادث المرورية التي تخلف ملايين الضحايا و المصابين، بالإضافة إلى الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية التي تنجم عن هذه الحوادث.
وفي السلطنة جاء الأمر السامي لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم، في سيح المكارم، وتوجيهاته السامية – حفظه الله- بأهمية أن يعمل ويسعى الجميع – أفراداً ومجتمعاً وحكومة – لتحقيق نتائج ايجابية في الحد من حوادث الطرق، وما تسببه من أضرار وخسائر كبيرة، إضافة إلى مبادرة السلطنة في الأمم المتحدة، بشأن الأزمة العالمية للسلامة على الطرق، كل ذلك يضع السلطنة في دائرة الضوء ويفرض على أبناء هذا البلد المعطاء، العمل من أجل تحقيق نتائج ملموسة وفعالة في تخفيض عدد الحوادث، وجعل طرق السلطنة أكثر أماناً لمستخدميها.
إلا أن الواقع الفعلي يظهر بأن العنصر البشري يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية في وقوع الحوادث المرورية بنسبة تتعدى (95%) باعتباره هو العنصر العاقل في هذه المنظومة ، فإما أن يكون متزناً ومحافظاً على سلوكه في السياقه باحترام قواعد المرور وآدابه ، وإما أن يكونمستهتراً ، وبالتالي تكون النتيجة مخالفة مرورية قد تؤدي إلى حادث مروري ، ولذلك وجدت الأنظمة والقوانين المرورية لتوضح لمستخدمي الطريق ما يجب أن يفعلوه وما لا يفعلوه عند استخدامهم الطريق ، وبذلك هي جزء هام وفعال في منظومة الإجراءات اللازمة للحد من الحوادث المرورية ، وتحقق انخفاض ملموس في وفيات وإصابات الطرق على المدى القصير، بخلاف التوعية المرورية التي نتائجها غالباً تكون على المدى البعيد.
ولذلك فأن تأمين السلامة المرورية تتطلب القيام بمجموعة من الإجراءات تعنى بها جهات عديدة ، كتحسين بيئة الطرق ومركبات أمنة ، وتوعية المجتمع بمخاطر الحوادث، وكيفية تفاديها، وقوانين رادعة، وإجراءات كفيلة بضبط المخالفين، بجانب خدمات صحية، ورعاية جيدة في موقع الحادث وبعده.
وهذه الجهود مستمرة وبتعاون الجميع على كافة القطاعات والمستويات ، تنفذ من خلال برامج وخطط وإجراءات تنفيذية ، لتوعية المجتمع وتحسين شبكة الطرق وجعل المركبة أكثر آمانا لمستخدميها ، مما يتعذر علينا ذكر هذه الجهود المتعددة في كافة المجالات على مختلف المستويات ، وهذا ما أكدت عليه دراسة المختبر البريطاني لأبحاث النقل ” دراسة جوانب السلامة المرورية في السلطنة” بتكليف من مجلس الوزراء الموقر (فبراير 2014) ، حيث خلصت الدراسة للنتائج التالية:
1- يتضح من نتائج المراجعة أن جهوداً كبيرة بذلت في سلطنة عمان حتى يومنا هذا للتعامل مع قضية السلامة المرورية ، وخاصة من قبل الجهة الرائدة شرطة عمان السلطانية.
2- توافق الأنشطة الحالية للسلامة المرورية في سلطنة عمان مع أفضل الممارسات الدولية الجيدة، مما يُوفر قاعدة ايجابية لتحقيق المزيد من النتائج الإيجابية على مستوى السلطنة.
3- أهمية مشاركة كافة القطاعات وتعزيز التعاون بين الجهات المعنية وبذل مزيد من الجهد، إذا ما أرادت الحكومة أن تتعامل بفعالية مع العدد المتزايد لإصابات ووفيات حوادث الطرق.
س2: هل تعد المخالفات المرورية جرائم تخضع لقانون الجزاء العماني شأنها شأن الجرائم الأخرى أم هناك توجه آخر؟
من الملاحظ أن سياسة التشريعات العربية والأجنبية لا تخرج عن منهجين:-
ـ الأول وهو المنهج التقليدي حيث يختص قانون العقوبات ببيان الأحكام المتعلقة بهذه الجرائم وعقوباتها كونها من جرائم الخطأ ، ولا تفرق هذه التشريعات بين مرتكبي جرائم الأشخاص الناجمة عن خطأ غير عمدي وبين جرائم حوادث المرور، وهذه التشريعات في الغالب تعد حوادث القتل والإيذاء الخطأ من جرائم الجنح مهما كانت الظروف المشددة المقترنة بالجريمة ، وفي بعض التشريعات جعلت من عقوبة القتل الخطأ الناتجة عن حادث مروري جناية ، إلا أنه لا يمنع من العقاب بعقوبة الجنحة إذا توافرت شروطه ، ومن ثم يمكن النزول بالعقوبة ضمن السقف المسموح به قانوناً ، لذلك لا خوف من شدة العقوبة.
ـ المنهج الثاني هو المنهج الحديث ، وبمقتضاه تكون قواعد استخدام الطريق مقننة بشكل يحدد الشروط القانونية والعقوبات المفروضة في حال مخالفتها ، حيث تتضمن إدخال قانون المرور ضمن القوانين المكملة لقانون العقوبات ، وتعتمد هذه القوانين بشكل جزئي على القوانين الموضوعية والإجرائية مثل قانوني الجزاء والإجراءات الجزائية ، وهو ما أخذت به السلطنة وبالتالي تعتبر هذه القوانين خاصة وتقيّد القانون العام في الجرائم المتعلقة بحوادث المرور إن كان هناك نص خاص.
ونرى أن احتساب التشريعات لجرائم القتل الخطأ الناجمة عن حوادث المرور من جرائم الجنح أو الجنايات قد يكون له ما يسوّغه ، كما هو الحال في نص المادة (50) من قانون المرور، حيث أن العقوبة الحبسية من” سنة إلى خمس سنوات”، وذلك حسب جسامة الفعل ، وكما أن مدى وجوب الغلظة في هذا الشأن هي مسألة تقررها جسامة الفعل وما ينتج عنه من ضرر.
س3: كيف تقيّمون نظرة المجتمع للمخالفات المرورية؟
إنّ المجتمع العماني بفطرته طواق للسلامة المرورية يسعى إليها ولذا نجد فئة كبيرة من المجتمع مدركة إدراك كامل بأهمية السلامة المرورية وتستعظم المساس بها نتيجة ما تنتجه حوادث المرور من إصابات ووفيات كما توجد فئة من المجتمع ترتكب المخالفات المرورية بعضها جسيم عن جهل وحيث أن التوجيه السامي لمولانا صاحب الجلالة في سيح المكارم إن المشكلة المرورية يجب أن تهم الجميع، وأصبح المجتمع شريك في هذه القضية كما توجد فئة قليلة ترتكب المخالفات وهي عالمة بعناصر الجرم وعلى هذا الأساس تعمل شرطة عمان السلطانية على ترسيخ قواعد ومبادئ السلامة المرورية كثقافة وسلوك في المجتمع.
وأن حوادث المرور ليست نتيجة حتمية لاستخدام الطريق وإنما هي نتيجة لسلوكيات ومخالفات ارتكبها أشخاص مسوؤلين عنها مسؤولية كاملة.
س4: كثير من المهتمين في السلامة المرورية يطالبون بتغليظ العقوبات، فهل هناك توجه لتشديد العقوبات؟
نستذكر للإجابة على هذا السؤال أن الأصل في الأشياء الإباحة وأن يأتي الشخص بالأفعال كيفما يشاء دون ضرر أو ضرار ومتى ما وجد فعل يمس كيان من أتى به أو الضرر للغير وجب على المشرع التدخل ليس للحد من الحريات وإنما لتنظيم سلوك الأفعال فهذا مبدأ أقرته جميع القواعد والتشريعات ( القوانين شرعت لتنظيم الحريات وليس للحد منها أو تقيدها).
مطالبة المجتمع بتغليظ العقوبات هي منسجمة مع توصيات ندوة السلامة المرورية فالتوصية السابعة (قيام الجهات المعنية بدراسة وتقييم قوانين وأنظمة المرور المعمول بها بما في ذلك مراجعة العقوبات/ الأحكام القضائية، المخالفات/ لردع مرتكبي الأفعال التي تشكل خطورة على مستخدمي الطرق) وكما أسلفنا سابقاً بأن المشكلة المرورية ليست هم شرطة عمان السلطانية وإنما هم الجميع ولذلك فإن موضوع تعديل نصوص العقوبات صدر من معالي وزير العدل بتشكيل لجنة بمراجعة النصوص، وهذا يدل على أهمية الموضوع.
وما تم نشره مؤخراً حول مسودة مشروع تعديل نصوص قانون المرور هو سابقة لم تحصل من قبل وربما القصد من النشر هو إعطاء فرصة للمجتمع لإبداء الرأي وهذا يدل على أهمية المشروع وعلاقته اللصيقة بالمجتمع وأعلم أنكم سوف تطرحون أسئلة في مشروع التعديل وأقول بصفتي القانونية بأن شرطة عمان السلطانية لها طرقها الرسمية في إبداء رأيها في المشروع، وأن ما تم نشره هو موضوع في محل التداول وإن الشيء الإيجابي في النصوص إذا تركنا موضوع العقوبات هو تقسيم الأفعال في المادة (50) إلى أفعال نتيجة الرعونة وعدم التروي وهي تكون أشبه بالعمد والأفعال الأخرى التي هي نتيجة الإهمال وعدم الاحتراز وذلك عندما يكون الجاني يقف موقف السلبي منها وهذا ربما سيحقق أشياء كثيرة في تكييف القضايا من قبل السلطات القضائية وصدور الأحكام النافذة وأعتقد أنها ستقلل من صدور الأحكام الواقعة للتنفيذ.
وإجابة عن سؤالكم لماذا لم يتطرق مشروع القانون في إنشاء المحاكم أو الدوائر المرورية فهذا نصت عليه توصيات ندوة السلامة المرورية على استحداث دوائر مرورية في المحاكم تختص بقضايا المرور وتحقيق سرعة البت فيها والردع المباشر للمخالفين ومرتكبي الأفعال المؤدية للحوادث المرورية، والدوائر المرورية كما جاء في تنظيم السلطة القضائية هو تنظيم داخلي تم العمل به فور صدور هذه التوصية كما أن الإدعاء العام أنشئ دائرة متخصصة في الإدعاء تسمى (دائرة القضايا المرورية) وهذه خطوة إيجابية ومثمنة من قبل السلطات القضائية ، والجدير بالذكر إن إنشاء الدوائر المرورية هو تنظيم داخلي حسب الحاجة تقرره اللجان العمومية، أما إنشاء المحاكم المرورية فهذه مسألة تختص بها السلطة القضائية وليس شرطاً أن ترد في قانون المرور وإنما يرجع لدى السلطات القضائية وفق تقديرها.
س5: هل تضع شرطة عمان السلطانية مقارنة بين التشريعات المجاورة والتشريعات العالمية؟
إنّ قواعد السلامة المرورية تعتبر من القواعد العالمية من حيث ضوابطها وعلاماتها وهناك تقارب في العقوبات والإجراءات الضبطية تختلف على اختلاف الآليات ومدى ثقافة المجتمع بها، وبتطرقنا للقوانين المقارنة مع الدول في محيطنا العربي والعالمي نجد تشابه في القواعد والعقوبات وبعض الدول تشدد في العقوبات على سبيل المثال كالقانون البريطاني حيث تصل عقوبة السجن فيه إلى أربعة عشر سنة.
س6: ما هي خطورة استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة؟
من ضمن الأسباب الرئيسية لوقوع الحوادث المروية هو استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة سواء بالرد على المكالمات أو كتابة وقراءة الرسائل النصية، فهناك العديد من السلبيات التي تؤثر على سائق المركبة في حالة استخدامه للهاتف النقال أثناء القيادة والمتمثلة في انخفاض التركيز وعدم القدرة على الاستجابة السريعة لمفاجئات الطريق، كما قد يتجاوز بعض السائقين الإشارات الضوئية الحمراء بسبب عدم الانتباه، وهناك من يهمل ترك مسافة الأمان بين المركبات لغياب التركيز وتشتت الانتباه، وقد يصل إلى عدم استقرار المركبة بخط سيرها والتنقل بين المسارات بطريقة مفاجئة، وقد أثبت الخبراء أن خطورة استخدام الهاتف في كتابة أو قراءة رسالة نصية في الدوارات والمنعطفات تشكل أكبر خطراً من قيادة الأشخاص المتعاطين للمؤثرات العقلية، لذا ننصح بتجنب استخدام الهاتف النقال أثناء السياقه وخاصة كتابة وقراءة الرسائل النصية.