فوزي بن يونس بن حديد
أيها الشباب إذا كنتم رجالا فعلا اثبتوا لنا أنكم فعلا تستحقون هذا اللقب، لأن الرجل عادة عندما يكتسب هذا اللقب يفكر في معنى الحياة ويقدّر قيمتها ويعمل على تجاوز كل ما يعيق سعادته في هذه الدنيا، ولا تركنوا إلى قوتكم وفتوتكم فهي خواء إذا لم يلبسها العقل والتفكير الجيد ويزينها السلوك القويم الرزين، نعلم أنكم في قمة القوة والفتوة في هذه المرحلة ولكن القوي منكم من اكتسب الرزانة وتحلّى بالشجاعة ورباطة الجأش في المواقف الصعبة في الحياة عموما وأثناء قيادتك للسيارة خصوصا.
بالأمس القريب كنت واقفا أمام الإشارة الحمراء أنتظر اخضرارها، مرّ بجانبي شاب يقود سيارة أجرة سريعا فلم توقفه الإشارة الحمراء ولا أظن توقفه الإشارة الزرقاء حتى لو كانت، سألت نفسي لماذا لا يحترم هذا الشاب قوانين المرور؟ فأجبت نفسي بعدها أن هذا الشاب وهو فتى يحمل كل معاني الفتوة والقوة إنما يتصرف هكذا لإفراغ هذه القوة الكامنة في نفسه حتى يرتاح ولكنه أفرغها في خطر ربما أودى بحياته، وربما بقي قعيدا ما بقي من عمره، وفي الأثناء وعند دخولي الطريق الفرعي كانت تمشي أمامي سيارة مشي السلحفاة، ظننت أولا أن من يقودها شاب رزين يفهم معنى القانون بل إنه فقه الحياة وعلم أن الروح غالية، ولكن عندما تمعنت النظر أجده يقرأ رسالة نصية من هاتفه النقال وبعدها همّ بالرد على تلك الرسالة وهو في الوقت نفسه غير واع بما يجري وراءه، سيل من السيارات تتساءل لم هذا التأني العجيب؟ فاضطر أحدهم لم يكظم غيظه أن يتجاوز بكل حرقة وغيظ كل ذلك السيل ولولا ستر الله لحدث مكروه.
أسوق هذا المشهد وقد رأيته أمامي ولا أبرّئ نفسي فهذه النفس الأمارة بالسوء تدعوك دوما أن تتصرف تصرفا أعوج، هناك من يردعها وهناك من يتبعها، هناك من لا يبالي وهناك من لا يغالي، هناك من يكبتها لينجو وهناك من يحررها ليقسو، وللشاب الخيار بين الحياة والموت، ففي التزامك حياة وفي طيشك موت، لا راحة لشاب مقعد على كرسي متحرك، ولا حياة لشاب أهلك حياته بنفسه.
ألم تكن تلك الصور والمشاهد المؤلمة شاهدا حيا حتى يستيقظ ضميرك، وتُجنب نفسك وأسرتك مخاطر الطريق؟ ألم يحن الوقت أيها الشاب، أيها السائق لتحيي نفسك وتبعدها عن شرارة الوحل؟ لا يمكن أن تشعر بالألم إلا إذا صادفته وحين الألم تكره حياتك برمّتها بل تتمنى الموت في تلك اللحظة ولا يأتيك إلا في ساعتك المحددة.
دعونا نخلي مجتمعنا من شر الحوادث وعواقبها، دعونا نحيا بسلام ولنشارك جميعا ونلزم أنفسنا ونعاهدها بأن نصنع عاما خاليا من الحوادث، ليبدأ كل واحد منا ويوقّع التزاما مع نفسه أنه لن يشارك في حادث من الآن، وسيلتزم بالقوانين والإشارات وكل ما يتعلق بنظام المرور، ويتعهد بأن لا يخرق هذا النظام مادام على قيد الحياة وليبلغ من سمع أو قرأ أو شاهد مثل هذا الخبر من لم يسمعه فهو من باب النهي عن المنكر، لأن الحوادث منكر يجب أن نغيره.
نعلن عن بداية حملة ” نحو عام خال من الحوادث” وندعو الشركات الخاصة إلى تبني هذه الحملة أو المبادرة ليشترك فيها أكبر عدد ممكن ولنجنب مجتمعنا حالة الأسى والألم، ولنعيش حياة سعيدة ملؤها التفاؤل والتآلف وحب الخير، نعلنها بكل قوة، ونناشد كل من أراد أن ينضم إلى هذه الحملة أن يسعى بدوره إلى أن يكون عنصرا فعالا ونشطا من أجل توعية الناس بمخاطر حوادث المرور على جميع الجوانب وأهمها هذه الروح التي بين جنبينا.