منى الأبرك
إحصائيات مخيفة لأعداد الوفيات بسبب حوادث السيارات ، والمخيف أكثر هو أعمار المتوفين والذي أغلبهم من فئة الشباب ما بين 17 – 30 عاما! أي عدة وعتاد الوطن وثرواته البشرية! فلا يكادْ يمر يوم إلا ونسمع عن وفاة شاب أو مجموعة من الشباب في حادث سيارة، والأسباب مختلفة ، ما بين السرعة ، السواقة برعونة ، العبث بالجوال ، النعاس ، الحيوانات السائبة ، الرمال الزاحفة ، وغيرها من الاسباب وأولها طبعا قضاء الله وقدره.
والسؤال هنا، كيف لنا جميعا المساهمة والمشاركة في الحدْ من هذه الحوادث وخاصة بين فئة الشباب؟ فأغلبنا لديه ابناء وأخوة شباب ومراهقين ، ويحملهم الحماس والرغبة لقيادة السيارة، وحتى وهم لم يكلموا السن القانوني، وليس لديهم رخصة سواقة. ومنهم من يملك طاقات كبيرة للتهور والتفحيط والسباق والهجولة وغيرها من المسميات الشبابية !
جميعنا مسؤولين ومحاسبين، وكل شخص منا لديه دور عليه أن يقوم به للمساهمة في هذه الحملة. فالأب والأم عليهم ، النصح والتربية والرقابة والتشديد على ابنائهم – بأسلوب حضاري- يساعدهم على تفهم ما هو مطلوب منهم ومن قيادتهم لهذه المركبة. ولا يقف دور الأهل، عند هذا الحدْ، فمن خلال ملاحظاتي لبعض الأهالي- هداهم الله- هو (دُعائهم بالسوء) على ابنائهم ، عند زعلهم وغضبهم منهم !”وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعاء على الأولاد والأموال والأنفس ، خشية أن يوافق ساعة إجابة ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أَوْلادِكُمْ ، وَلا تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ ، لا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ )رواه مسلم (3014) . ”
“ودعاء الوالد لولده أو عليه مستجاب ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثَلاثُ دَعَوَاتٍ يُسْتَجَابُ لَهُنَّ لا شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ لِوَلَدِهِ ) رواه ابن ماجه (3862) وحسنه الألباني في “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (596) . ولفظ الإمام أحمد (7197) : ( وَدَعْوَةُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ ) . ” نعم، قد تًسمع هذه الدعوات بالسوء وتُستجاب على ابنك أو ابنتك وتخسرهم في غمضة عين ومنها حوادث السيارات ، فإياكم أيها الاباء والأمهات وهذه الدعوات ، واطلبوا لهم الهداية والتوفيق دائما.
وبالطبع ، هناك دور لكل شخص ومسؤول على هذه الأرض ، وكلا حسب وظيفته ومنصبه وكما أسلفت سابقا في مواضيعي ، فدور المدرسة يأتي بعد دور المنزل والأهل ، ودور المسجد والأئمة والدعاة والشيوخ بالخطابة والدعوة والتنبيه ، ومراكز الشبابية والنوادي الرياضية ، ولا ننسى جهود ودور رجال الآمن وسعيهم الدؤوب في الحفاظ على أمن وسلامة الجميع.
وأخيرا وليس آخراً ، دورك أنت أيها الشاب ، فقتلك لنفسك تعتبر من السبع الموبقات ، والتسبب في قتل الآخرين أمر شدد عليه الدين ونهى عنه ، وقد توعد الله قاتل المؤمن عمدًا بأنواع العقوبات ، كل واحدة أعظم من الأخرى ، وأنزل غضبه عليه ، قال جل شأنه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًاعَظِيمًا[النساء:93].إن قاتل المؤمن تنتظره هذه العقوبات الأربع : الخلود في نار جهنم ، مع الغضب واللعن والطرد والإبعاد عن رحمة الله والعذاب العظيم.
وأخيرا ، أسأل الله لأبنائنا وأبناء المسلمين الهداية والسلامة ، وأتمنى أن تكون هناك وحدة وحملة قوية وشاملة من الجميع للحد من هذه الحوادث.