فوزي بن يونس بن حديد
ربما أصبحت الحاجة ملحة لتنظيم مؤتمر شعبي محلي لطرح الرؤى على طاولة الحوار، يجمع بين الشباب العماني وبين من لهم خبرة في الحياة المرورية وتطرح المشاكل ويحاول كل طرف أن يجد الحل المناسب لكل مشكلة فمنهم نعرف المشكلة ومنهم نعرف الحلّ.
هذا المؤتمر في رأيي يكون محليا، تلتزم كل القوى الوطنية ومن كان غيورا على حقن دم الشعب العماني أن يبادر إلى الحضور بفاعلية كاملة دون الحاجة إلى استدعاء خبراء من الخارج، لأن هؤلاء الخبراء وإن كانوا خبراء فعلا ولا ننقص أبدا من قيمتهم إلا أنهم لا يفقهون التجربة العمانية ولا يفقهها إلا من كانت لديه دراية وعلم بخفايا الشباب العماني تلك الفئة التي أثبتت الإحصاءات أنها أكثر الفئات التي تتعرض للحوادث لأسباب يعلمها الجميع من سرعة عالية وتهور وعدم انتباه وغير ذلك.
المؤتمر الشعبي يكون تحت إشراف شرطة عمان السلطانية ومشاركة جهات أخرى كوزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون الرياضية ووزارة التنمية الاجتماعية والقطاع الخاص ومن له علاقة مباشرة مع الشباب ويحضره مسؤولون وفقهاء قانون وشرع وأطباء نفسيون وباحثون في حوار مباشر مع الشباب، فتعرض هذه المأساة بكل صورها وتجلياتها وأحداثها ومآلها، ننظر في الأسباب ونحلل الحدث ونعرض تجارب الدول ونستفيد من الآراء والاقتراحات والرؤى، فيأخذ الحوار بعدا إنسانيا وبعدا أبويا، فربما نخرج بتوصيات تكون ملزمة للجميع وربما طرحت أفكار من هنا وهناك تكون جديدة وقابلة للتنفيذ بعد دراستها من الجهات المعنية.
وربما يخرج هذا المؤتمر بين المسؤولين والشعب برؤى وأطروحات تكون كافية للحدّ من إراقة الدماء وتضيء الأمل في نفوس الناس الذين أصبحوا يتألمون من سماع الفواجع والحوادث كل يوم، وربما تؤثر بعض القيادات السياسية والدينية ممن لهم وزن في البلاد في نفوس هؤلاء الشباب وتتغير نظرة المجتمع للحوادث شيئا فشيئا وتزداد التوعية بمخاطر الطريق ويصبح الجميع على أهبة الاستعداد لتطبيق ما جاء به الدين الحنيف أولا ثم تطبيق ما أمر به القانون لأن من يلتزم بتعاليم دينه يكون أقرب الناس لتطبيق قانون المرور لأنه مأمور بحفظ نفسه وذلك مقصد من مقاصد الشرع الحنيف.
لا بد من وضع حدّ للمأساة التي تتكرر كل يوم، حفاظا على أرواح أبنائنا الأبرياء فما ذنب الطفل الصغير الذي تئده الحوادث؟ وما ذنب الأم التي تدعو بارئها كل يوم بأن يحفظ ابنها من شرور الطريق؟ وما ذنب الأب الكبير الذي لا همّ له سوى أن ينجح ابنه في الحياة ويراه يكبر بين عينيه؟ فما حيلة هؤلاء حين يغتالون على أرصفة الطريق وتتمزق أجسامهم أشلاء؟ ويتألم الكبير والصغير وتنتحب الأرامل ويصرخ الصغار كأننا في حرب مع مجهول لا نعرف كنهه.
الحياة نعمة كبرى لا يفقه معناها إلا من أصيب، والروح هي التي تحرك الجسد وتجعله ينتفض ويشعر ويحس وهي ملك لله وحده وإنما ائتمنك الله إياها حتى تحرسها وتحفظها من كل مكروه حتى إذا رجعت إلى ربها رجعت سليمة معافاة.