خميس بن علي البطاشي
كلنا على علم بما ينتج عن الحوادث المرورية من وفيات وإصابات وما تخلفه من آثارٍ اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ وصحيةٍ كبيرة على الفرد والمجتمع، ولعل لا يخلو عدد من أعداد الصحف اليومية أو وسيلة إعلامية إلا وتتطرق بشكل أو بآخر لهذا المشكلة ، سواء كان في شكل إحصاءات لإعداد تلك الحوادث المرورية وما ينتج عنها من وفيات وإصابات ، أو خبر لحادث مروري جسيم ، أو مقال أو تحقيق صحفي يتطرق لموضوع الحوادث المرورية،أو دراما إذاعية أو تلفزيونية تناقش هذه المشكلة ، فنسطيع بالتالي أن نقول بأن الحوادث المرورية هي موضوع الساعة الذي يتداوله الجميع .
ولعل في رأيي أن ما خلق هذا النوع من كثرة تداول لموضوع الحوادث المرورية هو تلك الشفافية التي تتبناها شرطة عمان السلطانية في الإعلان عن عدد الحوادث المرورية وعدد ما ينتج عنها من وفيات وإصابات ، ووضع المواطن والمقيم في وضع الصورة الحقيقية لهذه المشكلة حتى يساهم الجميع في إيجاد الآلياتٍ الصحيحة للحد من حوادث المرور ، في حين نرى أن هناك دولاً لا تفصح عن الأعداد الحقيقية لتلك الحوادث وأعداد الوفيات والإصابات لاعتبارات كثيرة .
لعل من أهمها ما يتعلق بتجميل صورة تلك البلد لدى الرأي العام المحلي والعالمي ولدى المؤسسات المحلية والعالمية المعنية بموضوع السلامة المرورية ، ولعل من أهم المعايير التي تسعى بعض الدول لتخفيضها أو إعطاء صورة غير حقيقية عنها هو طريقة احتساب الوفيات التي تنتج عن الحوادث المرورية ، فهنالك بلدان تحتسب الوفاة بأنها ناتجة عن حادث مروري إذا توفي الشخص أثناء الحادث مباشرة ، بينما هناك بلدان أخرى تحتسبها كوفاة حادث مروري اذا توفى الشخص بعد 24 ساعة أو أسبوع أو شهر ، أما هنا في السلطنة فليس هناك حد أقصى للفترة الزمنية لاحتساب الوفاة نتيجة حادث مروري ، فإذا توفي الشخص بعد الحادث بغض النظر عن المدة التي قضاها في المستشفى طالما أن الوفاة بسبب مضاعفات الإصابة فأنه يصنف إحصائياً كوفاة بسبب حادث مروري .
وعلى هذا الأساس نبعت واقعية المعالجة لمشكلة الحوادث المرورية ، حيث بذلت السلطنة جهوداً كبيرة في مجال تعزيز السلامة المرورية والحد من حوادث المرور وأعتبر موضوع السلامة المرورية قضية وهماً وطنياً يتوجب علينا جميعاً معالجته كون أن هذه المشكلة تمس أغلى مكون من مكونات المجتمع ألا وهو الإنسان .
ولعل حديث مولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم – القائد الأعلى – حفظه الله ورعاه عن الحوادث المرورية في عام 2009 م بسيح المكارم في ولاية صحار يبين لنا مدى اهتمام حكومتنا الرشيدة لعلاج هذه المعضلة وجعلها في سلم أولوياتها واهتمامها .
حيث تبذل الجهات الحكومية المعنية جهوداً حثيثة لتعزيز السلامة المرورية مثل تكثيف الرقابة والضبط المروري ، ونشر الوعي المروري لجميع شرائح وفئات المجتمع ، وإنشاء أنظمة لفحص المركبات آلياً للتأكد من سلامتها ومتانتها كون أن عيوب المركبة أحد مسببات الحوادث المرورية ، ونشر خدمات الإسعاف لأغلب محافظات السلطنة ، وتبنى مشاريع لطرق عديدة بمواصفات ومعايير عالية ، وتدريس مفردات السلامة المرورية لأبنائنا طلبة المدارس لخلق جيل مروري واعٍ بأهمية التقيد بأنظمة وقواعد المرور ، وغيرها من الجهود التي لا يتسع المجال هنا لذكرها ، كما لا ننسى دور المجتمع في التصدي لهذه المشكلة من خلال تبني بعض أفراده لحملات توعوية ساهمت إلى حد كبير في الحد من حوادث المرور .