فوزي بن يونس بن حديد
قديما وقبل الطفرة التكنولوجية والتقنية، كان أجدادنا يعتمدون على النجوم في سيرهم في البر والبحر، ويرثون هذا العلم أبا عن جد، يعرفون الوقت والاتجاه بمواقع النجوم التي أقسم الله تعالى بها في قرآنه الكريم، تعلموا علم الفلك والحساب وإن كانوا أميين حتى لا يتيهون في اليمّ ولا يضيعون في الصحاري وبين الجبال ولذلك قال المولى عز وجل:” وعلامات، وبالنجم هم يهتدون”.
والآن وبعد التطور الذي حصل،والمدنية التي حدثت، نسيت الأجيال شيئا فشيئا هذا العلم ولم تعد بحاجة إلى مثل هذا النوع من العلامات، فأصبح الوقت معروفا بالساعات التي اخترعت، والسير معلوما باللوحات الإرشادية التي تقف شامخة في الطريق تدل السائق على مفاجآته التي يمكن أن تحدث له، وهذه في حد ذاتها صدمة ثقافية لهذا الجيل الذي أصبح يعتمد على التقنية الحديثة مائة بالمائة، ولم يكترث بالعلم الذي برع فيه أجدادهم.
هذه العلامات التي نشاهدها اليوم في الطريق لم تضعها الدولة للزينة والتفاخر، فهي تكلّفها أموالا وتعبا ووقتا طويلا وجهدا كبيرا، وإنما وضعت في الأساس لحمايتك أيها السائق من مفاجآت الطريق، علامات متنوعة ومختلفة الأحجام ولكنها موحّدة في دلالاتها في مختلف دول العالم، إنها الإنارة التي تنير قائد المركبة دربه وتجعله منتبها ليتفادى أي صعوبات أو مشاكل، فمنها ما يدلّك على السرعة ومنها عدم التجاوز ومنها عدم الدخول وأخرى عدم التوقف والوقوف أو عدم التوقف أو عدم الوقوف أو كذلك انتبه لمنحدرات أو انحناءات أو التواءات أو التفافات ومنها ما يدلك على مرور حيوانات أو شاحنات أو إشغالات، ومنها أيضا المطبات وما يدل على وجود خطوط لعبور الطلاب، وبعضها يرشدك إلى تخفيف السرعة قدر الإمكان لأنك وسط الحارات أو المدينة فلا بد أن تنتبه خوفا من وقوع حالات من الدهس.
لو التزم كل سائق بهذه العلامات ما حدث مكروه ولو في جنح الظلام، نطالب الحكومة بإنارة الطريق لحدوث جملة من الحوادث ولا نكلف أنفسنا عناء البحث في هذه العلامات والإرشادات إلى ماذا ترمز يا ترى؟ لماذا هذه العلامة في هذا الموقع بالذات؟ فنحن نقول ربما الإنارة تزيد من حدة الحوادث إذا علم السائق أن الطريق سالك ومنار فيزيد من سرعته ويحدث المكروه، والعكس صحيح أيضا، لو كنت تسير في ظلمات الليل وترى بإنارة السيارة العلامات الواضحة وتعرف رمزها وتطبق ما جاء فيها فاعلم حتما أنك تسير بهدى، بعيدا عن كل هوى، وتبلغ المنى وأنت بعيد كل البعد عن كل ردى.
فالوعي بهذه الإرشادات ضروري، وتطبيقها واجب شرعي وحياتي واجتماعي لأنها تحميك من الضرر والشرر وتلبسك لباس الصحة والعافية، ولا تضر غيرك بحركة شيطانية لأن الإسلام حرّم الاعتداء على حرمات الناس بأي وسيلة من الوسائل، أو لأي غرض من الأغراض.
كما إني أقترح من خلال هذا المنبر أن يتم استحداث اختبار أو امتحان نظري يسبق الحصول على الرخصة حتى يكون المرء وهو يقود مركبته على دراية كاملة وتامة بعلامات الطريق وإرشاداته المتنوعة والمتعددة والتي كلها تصب في مصلحة السائق وحماية نفسه من حدوث أي حادث لا قدر الله.
نتمنى أن تكون السنة الجديدة سنة خير وصحة وعافية، سنة خالية من أي حادث، سنة يلتزم فيها كل سائق بما يجب عليه أن يقوم به أثناء سيره، سنة نجدد فيها العهد والوعد مع أنفسنا كي نطبق القوانين ونكظم الغيظ ونعفو عمن ظلمنا.