فوزي بن يونس بن حديد
يبدو لي من خلال المشهد المروري أن رخصة السياقة لها دور كبير في تحديد هوية الشخص القائد، فهي رخصة لعبور الشارع العام بواسطة المركبة التي يستقلها السائق ويسير بها في الطرقات، ورغم أن الرخصة واحدة في شكلها وتعابيرها إلا أن حامليها يختلفون من شخص إلى آخر، فالذكر ليس كالأنثى، والشاب ليس كالشيخ وهكذا، فلكل رؤيته لهذه الوثيقة الرسمية التي يجب أن نتعامل معها بشكل قانوني.
رخصة السياقة هي الوثيقة الشرعية والقانونية التي تمنحك حق السياقة وبدونها لا تستطيع أن تمسك بمقود السيارة، وإذا أمسكته عنوة فإنك تعرض نفسك للخطر من كل النواحي ، وإذا أجرينا استبيانا لحالة السائقين الذين يلتزمون بحمل هذه الرخصة وفهم ما فيها من دلالات عميقة لوجدنا البون الشاسع بين فئات المجتمع في تعاملهم مع هذه الوثيقة ،ولا شك أن فئة الشباب الذكور هم أول من يزهو بهذه الرخصة ويعتبرونها إنجازا كبيرا في حياتهم ، وبمجرد الحصول عليها يقفز الشاب عاليا ويعلن انتصاره على نفسه وكأنه حقق شهادة علمية مرموقة ، ولكنهم ربما لا يدركون مخاطر الطريق التي تنتظرهم وهم مبتدئون يقودون السيارات بمفردهم ، فقد تصدر منهم حركات بهلوانية وتهورية تؤدي إلى حتفهم لا قدر الله.
وفي رأيي فإن الحاصل على رخصة السياقة يمنع من قيادة السيارة بمفرده لمدة من الزمن حتى يتمكن من السيطرة على المركبة تماما، ويدرك أن السياقة فعلا فن وذوق وأخلاق، وحتى تصير لديه خبرة كافية للسير على الطرقات، وأعتبر هذه الخطوة ضرورية جدا لتحقيق الأمن على الطريق. كما أنني أقترح أن يسبق الرخصة امتحان نظري لمعرفة مهارة القائد فليست المهارة في إظهار مدى سرعتك على الطريق إنما المهارة فعلا تتحقق عندما تحصل على رخصة السياقة بكل استحقاق وتتجاوز كل الصعوبات وكل التحديات، وتحسن التصرف عند المفاجآت.
كما أن السن تشكل عقبة كبيرة في تأجج الحماس لدى الشباب حتى يقبل على الحصول على هذه الرخصة، فسن الثامنة عشرة أعتبرها شخصيا غير كافية لقبول أوراق من يريد منحه رخصة السياقة، لأن هذه السن هي مرحلة العبور من الطفولة نحو المراهقة وهي من أخطر فترات الإنسان التي تحتاج إلى متابعة مستمرة خوفا من تصرف طائش قد يودي بحياته، ولا شك أن الذكور أكثر تهورا من الإناث وأن الإناث أكثر اتزانا من الذكور، وبالتالي فإن إعادة النظر في السن القانونية لمنح الرخصة أصبحت ضرورية جدا حفاظا على هذه الشريحة من التعرض لحوادث مميتة.
ومن الجميل أن يتقيد الجميع بما يمكن أن تقرره شرطة عمان السلطانية الجهة التي تمنح رخصة السياقة، لأنها فعلا منهمكة من أجل توفير الأمن النفسي والجسدي للمواطن والمقيم والزائر وهي لا شك تقوم بدور كبير في ترتيب أولويات الطريق وإحداث نقلة نوعية في معاملاتها الالكترونية التي أصبحت علامة بارزة ووساما على صدر شرطة عمان السلطانية.