محمد بن سليمان المرشودي
حادث سير يودي بحياة فتاة في مُقتبل العمر ، داهمها القدر وهي في طريقها من العاصمة مسقط إلى بيت عائلتها في ولاية عبري ـ فاجعة كبيرة عندما وصلتني صورة الفتاة (رحمة الله عليها) وهي مُمددةً على الأسفلت ونزيف الدم يسيل من بين نقابها الذي يُغطي وجهها الكريم ـ توقفت هذه الصورة في جهازي النقال ـ عاودت الإتصال بالشخص المُرسل ووجهت له النصيحة بعدم تداول مثل هذه الصور وعدم نشرها إحتراماً لذات المتوفاه وأهلها وذويها ، إلى متى سيظل الإستهتار بأعراض الناس؟ أليس لهذه الفتاة المسكينة حرمه؟
قررت أن أتناول في هذا العدد تلك الظاهرة المُزعجة المؤرقة بكل ما تعنيه الكلمة والتي أصبحت فضولاً لدى البعض من المُستهترين ـ لا أعلم ما هي الفائدة التي يجنيها هذا الفرد حينما يقوم بهذا العمل ، وحال لساننا يُردد ويتسأل : لو أن هذه الحادثة وقعت على أحداً من أسرته هل سيرضى لنفسه فيما لو قام أحدهم بتقليده ؟ بالطبع لا أحد يتفق مع ما قام به هذا المواطن لأن طبيعة وسيكولوجية المجتمع العُماني لا تنسجم مع ما هو غير مألوف ـ لذا يجب على هؤلاء الأفراد من الشباب الإبتعاد عن هذا السلوك المرفوض دينياً وإجتماعياً وأن يعتبر (للعبرة) من الحادث بدلاً من التعدي على حُرمات الناس من خلال تصويره لضحايا حوادث السير وغيرها من الحوادث التي قد يصيبه ما أصابهم على مرور الزمن (وكما تُدين تُدان) فما لا نقبله على أنفسنا لا نقبله على غيرنا ،بل يجب على هذه الفئة من الشباب التحلي بالمسؤولية تجاه الآخرين وعدم تصوير ونشر تلك الصور التي تؤذي مشاعر المجتمع العُماني بأكمله وليس فقط أسرة المتوفي .
ومن خلال ردود الأفعال التي لمسناها من أبناء هذا الوطن الغالي بعدما تم نشره من صور لهذا الحادث الشنيع فإن الجميع يُوجه النداء (بإستهجان) إلى الجهات المُعنية في السلطنة لبذل مزيداً من الإهتمام والتصدي لمثل هذا السلوك (الخاطئ والمرفوض) سواءً كان ذلك عبر الجهات الرقابية في شركات الإتصالات أو عبر الجهات الأمنية ، وذلك بتكثيف الوعي في هذا الجانب وتوضيح المواد القانونية الرادعة لمثل هذا التصرف وتبصيرهم حول ما يترتب عليه من عقوبات حيال هذه التجاوزات وإيلاء هذه المُعطيات الأهمية التي تستحقها بعد مراجعة فحوى العقوبات المدونة لإحقاق العدالة المجتمعية التي لا نطالب بسواها لنتمكن جميعاً من حصد نتائج الإيجاب في الحد من هذه السلوكيات ، ونناشد أيضاً شبابنا الواعي الغيور على مثل هذه المواقف بمجابهة كل من تُـسول له نفسه في العبث بعدسة التصوير حين وقوع مثل هذه الحوادث وأن لا يقفون مكتوفي الأيادي (فرب كلمة تمنع الكثير من الألم) ، فالجميع مسؤول أمام المجتمع لما يشكله هذا الأمر من حساسية بالغة للأسر التي تحمل الكثير من الأوجاع المؤلمة بعدما شاهدت صور موتاها تتداول عبر وسائل الإتصال المُختلفة والتي تسببت في وجود أضراراً أدبية ونفسيةً لهم .
ربما قد آن الأوان بعد كل هذه المُمارسات والمُخالفات الخاطئة التي يُمارسها ويتقنها البعض ممن لديهم صفة (الفضول) في الحادثة السالفة الذكر بأن يتم إعادة النظر في تغليظ العقوبات إلى حديحقق التراضي العام دون نتوءات تؤرق الأطراف جميعها ، ليبقى هذا المجتمع يتسم بعاداته الجميلة التي يتغنى بها كل من وطأت قدمه لأرض عُماننا الحبيبة وتظل هذه السمات ثابتة بثبات ما توارثناه من السلف التليد في حُسن الخلق والنخوة التي تميزنا بها نحن كعُمانيين عن الآخرين .. (اللهم أسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض) .