أحمد بن سعيد الحارثي
تبذل شرطة عمان السلطانية ممثلة بالإدارة العامة للمرور مشكورةً جهودها لتعزيز الثقافة المرورية لدى المجتمع، فبعد نجاح حملتها السابقة والتي كانت بعنوان: “شكرًا على تقيدكم بالسرعة” والتي شهد الجميع بنجاحها، حيث دشنت الإدارة العامة للمرور حملتها الثانية والتي تحمل عنوان “سياقة بدون هاتف”، والتي تهدف إلى توعية المجتمع بخطورة استخدام الهاتف أثناء السياقة وعلى وجه الخصوص مع ما تشهده تلك الهواتف من طفرةٍ، وتأتي هذه الحملة ضمن مجموعة من الحملات التوعوية بدأتها شرطة عمان السلطانية في السابق والتي كانت في مضمونها رسائل إيجابية نظرًا لتعاون المجتمع للتصدي للظواهر الخطيرة التي تحدث في الطرقات، أمّا الحملة الحالية التي تعنى باستخدام الهاتف النقال فقد جاءت وفق رصدٍ إحصائي بيّن فيه أن استخدام الهاتف أثناء السياقة ضمن المخالفات المرورية الأكثر شيوعًا.
وفي هذا السياق كشفت نتائج استطلاع تم اجراءها على رواد شبكات التواصل الاجتماعي في السلطنة أنّ 86% منهم يعتقدون ان السبب الرئيسي لحوادث الاصطدام بين مركبتين او أكثر هو فقدان الانتباه في الثواني الثلاث الأخيرة التي تسبق الحادث بسبب الانشغال بالهاتف، حيث يلاحظ المتابع للشوارع انتشار التحدث بالهاتف النقال بين كثير من السائقين وبشكل لافت للنظر، بعد أن نسي أو تناسى هؤلاء المخاطر الكبيرة والمآسي التي أحدثها استخدام الهاتف.
وقد يحاول بعض السائقين ادعاء قدرتهم على السيطرة على السيارة اثناء استخدام الهاتف النقال، رغم أنّ الدراسات قد كشفت أنّ أنظار السائقين تتشتت عن الطريق في (10%) من الزمن الذي يقضونه خلف المقود، وأنّ غالبية هذا التشتت يعود إلى استخدام الهاتف، وهو ما يتسبب بزيادة كبيرة في معدلات الحوادث، خصوصاً بين الشباب والمراهقين، في حين لا تبدو الزيادة كبيرة بين كبار السن الذين يقودون منذ سنوات طويلة.
وأوضحت دراسات مختلفة في مختلف دول العالم أن مستعملي الهواتف أثناء السياقة يقتربون كثيرا من المركبات الأمامية وتكون ردة فعلهم بطيئة اثناء الفرملة، بالإضافة إلى أنهم أكثر عرضة للدخول بين المركبات من خلال مسافات غير كافية وغير آمنة ويشعرون بضغط أكبر واستياء، فالسائق يركز انتباهه على الأصوات التي يسمعها من خلال الهاتف النقال على حساب تتبع الأصوات التي تدور حوله على الطريق والتفاعل معها، وهو ما يعرف علمياً بـ “ضعف التركيز السمعي”، كما يركز انتباهه على الحديث الذي يجريه على حساب تتبع المركبات من حوله والتفاعل مع حركتها، بالإضافة إلى أنه أثناء استخدام الهاتف النقال فإن السائق لا يقوم باستخدام كلتا يديه للتحكم بالمقود، وقد يضطر أحيانا إلى عدم وضع يديه على المقود نهائيًّا.
ويبقى استخدام الهواتف الذكية أثناء السياقة أكثر خطورة من استخدام الهواتف الاخرى، حيث انها تشتت التركيز أكثر من بقية الهواتف الأخرى، وحذرت الكثير من دور الخبرة في العالم في مجال النقل من أن النظر في الهواتف الذكية أثناء قيادة السيارة قد ينطوي على مخاطر جسيمة للسائق ولمستخدمي الطريق الآخرين.
وأوضح الكثير من المتخصصين في علم النفس حول العالم أن كل إنسان ليس لديه قدر معين من الاهتمام يقدر أن يوجهه، وفي حالة توجيه سائق السيارة اهتمامه للهاتف الذكي فإن جزءا من اهتمامه يتحول عن الطريق، وهو ما قد يحمل خطورة كبيرة.
وفي الختام، علينا أن لا ننس بأننا علينا احترام الأنظمة وقواعد المرور التي شرّعها المشرع، ومن جانب آخر فقد نص الشرع وأوضح في كتابه العزيز (وَلاَ تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ)، كما أنّ حفظ النفس مقصد شرعي من مقاصد الشريعة الاسلامية والتي يتوجب علينا احترامها، وجاءت القوانين مؤكدة على أهمية المحافظة على النفس البشرية واحترام قانون المرور، وكل ما وضعه أولي الأمر والذي من شأنه حفظ الحياة والكرامة وصون الممتلكات، وعليه لا بد من احترام الأنظمة وقواعد المرور، وعلينا ان نتسأل عن ماهية هذا الرسائل أو التطبيقات التي ستفوت عليك لو لم ترد عليها أو تستخدمها إلاّ عندما تتوقف؟ فلا تدري، ربما تكون رسالتك أو الصورة التي التقطتها هي الأخيرة.