حمود الطوقي
صور الحوادث المرورية المخيفة التي تصلني وتصل المئات غيري ويتم تداولها عبر مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي جديرة بأن تحرك المشاعر والأحاسيس، وتجعلنا نعتبر ونتعظ من بشاعة هذه الصور، الناتجة عن التهور والسرعة الزائدة من جهة واستخدام الهاتف النقال من جهة أخرى، فالسرعة والانشغال بالهاتف أثناء القيادة هما السبب الرئيس في الحوادث المرورية – بحسب الإحصائيات الصادرة عن شرطة عمان السلطانية- ولم تألوا الشرطة جهدًا في تنظيم الحملات التوعوية التي تهدف إلى غرس القيم النبيلة لتوعية الجمهور بالقيادة الآمنة، واستطيع الجزم أننا في عمان على مدار العقدين الماضيين كنا من أكثر الدول تنظيما لهكذا حملات؛ إلا أنّ النتائج لم تكن بالقدر المأمول، فإمّا أن هذه الرسالة التوعوية لم تصل إلى الجمهور كما يجب أو أنه – أي الجمهور- يعاند ويكابر، وينتج عن ذلك أن تخسر عمان فلذات أكبادها وهي الثروة الحقيقيّة التي كنا ننتظر منها المزيد في بناء هذا الوطن العزيز.
تنفذ الشرطة ممثلة بالإدارة العامة للمرور خلال هذه الأيام حملة توعوية بعنوان “سياقة بدون هاتف” تستهدف شريحة من قائدي المركبات الذين ينشغلون بالهاتف أثناء القيادة وأنا أيضًا من هذه الشريحة أرى أن عليّ أن اتعهد أمام نفسي بالالتزام بترك الهاتف بعيدًا عنّي أثناء القيادة واعتقد أنّ علينا كقائدي المركبات أن نضع هذا التعّهد نصب أعيننا بحيث نكون أكثر التزامًا ونحقق مبادرة مليون توقيع وتعهّد بأن تكون قيادتي بدون هاتف، وأيضا الالتزام بالسرعة القانونية في حملة جديدة تحت عنوان “اتعهد أن لا أسرع” وتكون هذه الحملة بمثابة ملحمة وطنية، يشترك فيها كافة أبناء المجتمع والمقيمين على أرض هذا البلد.. وهنا أشير إلى أنني عرضت الفكرة الأولية على المهندس العميد محمد بن عوض الرواس مدير عام الإدارة العامة للمرور، وذلك على هامش تدشين الحملة التوعوية “سياقة بدون هاتف” والتي تأتي متزامنة مع أسبوع المرور لدول مجلس التعاون الخليجي، فوجدته متحمسًا بل لديه أفكار قد تكون مساعدة هي الأخرى وهادفة لإنجاح هذا المشروع الوطني الكبير. ونأمل أن نطبق هذه الحملة خلال العام القادم.
كانت الومضة الأولى لهذه الفكرة أن تكون ابتكاريّة لذا قمت بطرحها على بعض الزملاء بأن ننظم حملة توقيع على وثيقة تكون بمثابة التزام وتعهد من الموقع أن لا يسرع مهما كانت الظروف، وقد اخترنا لها شعار “أتعهد أن لا أسرع”.. ونعتقد أنّ هذه الحملة إذا رأت النور ستكون إحدى الحلول الهادفة والحاسمة لوضع الحد من مجازر الطرقات التي تحوّلت إلى عادة يوميّة نتقبلها ولا نملك إلا أن نتضرع إلى الله أن يرحم موتانا الذين قضوا نحبهم من هذه الحوادث.
إنّ حملة ” “أتعهد أن لا أسرع” تأتي مُكمّلة للجهود القيمة التي تقوم بها العديد من الجهات وعلى رأسها شرطة عمان السلطانية من أجل الحد من الحوادث المرورية إجمالا والحوادث الناتجة عن السرعة الزائدة خصوصًا وفي مقدمة هذه الجهود ما تقدمه شرطة عمان السلطانية من جهود جبارة ومشكورة للحد من الحوادث إلا أنّ الواقع يشير إلى أنّ هذه الحوادث نتائجها وخيمة على المجتمع وخاصة فئة الشباب الذين هم مستقبل الأمة وعمادها. ومن أجل مساندة الجهود المبذولة في هذا الإطار فقد جاءت فكرتنا بأن نطلق هذه الحملة التوعويّة كفكرة مبتكرة تساهم في الحد من الحوادث؛ وكون عامل السرعة هو لب المشكلة كان محور حملتنا أن نطلق حملة جمع مليون توقيع من مختلف فئات المجتمع العماني مع التركيز على فئة الشباب بعدم السرعة، حيث خطوط هذه الحملة تحمل أفكارًا جديدة باستخدام أساليب توعوية مبتكرة تناسب اهتمامات وميول الشباب، إضافة إلى استخدام التقنية المعلوماتية والإنترنت والعروض الواقعية لضمان حشد أكبر عدد ممكن من المنضمين إلى الحملة والموقعين على التعهد.
كما أن الحملة لن تقتصر على محافظة مسقط فقط بل ستجوب جميع محافظات السلطنة وفق جدول زمني محدد سلفًا وسنقوم بتنظيم عدد من الفعاليات الهادفة والجاذبة لفئة الشباب، ومن أجل تحقيق أكبر قدر من القبول من قبل المجتمع لهذه الحملة فمن المخطط له أن تتصدر المبادرين بالتوقيع على هذا التعهد شخصيّات رسميّة وأصحاب القرار وكبار مسؤولي الحكومة من وزراء ووكلاء ومختلف المسؤولين، كما ستستخدم الحملة عند اطلاقها عددًا من الشباب العماني الذين حققوا إنجازات على المستوى الوطني والعالمي كنماذج يُحتذى بها عند الشباب العماني للقيام بالترويج لهذه الحملة التوعوية الهادفة.
هذه الحملة سوف نطرحها رسميًا ونأمل أن تتعاون في تنفيذها الجهات الحكومية المختلفة ذات العلاقة بدءًا بشرطة عمان السلطانية ووزارة الصحة والهيئة العامة لسوق المال ووزارة النقل والاتصالات ومؤسسات المجتمع المدني، وسنحشد مجموعة من المتطوعين، بالإضافة إلى أننا ننتظر تفاعل القراء مع هذه الحملة والفكرة من خلال مقترحاتهم الهادفة؛ للعمل معًا من أجل الوصول إلى مرحلة “عُمان بلا حوادث”.