حمد بن سعيد الراجحي
كلُّ من يتأمل ويشاهد المركبات الحديثة يُبادر إلى الذهن كيف كانت المركبة قبل عام، وكيف أصبحت الآن.. قمتُ بالتقريب لأشهد معكم الوتيرة المتسارعة التي يقوم بها خبراء المركبات في سبيل توفير درجة عالية من سبل حماية الركاب، وعلى وجه الخصوص الجالسين على المقاعد الأمامية لقربهم من “مقصورة المركبة”؛ حيث تعمل الوسادات الهوائية على حماية السائق، والراكب الأمامي من الرأس إلى القدم، إضافة إلى “مخادع الرأس” التي تحمي الركاب من التعرض للإصابة في الرقبة في حالة الحوادث، إنه جزءٌ من عوامل السلامة والأمان الذي يسعى من خلاله الخبراء إلى توفيره. إن ما تم ذكره مسبقًا لن يوفر لك قدرًا كافيًا من الحماية ما لم ترتد حزام الأمان، ولك أن تتخيَّل إذا كان هناك شخصٌ غير مرتد الحزام، وقامت الوسادة الهوائية بعملها سيرتطم السائق أو الراكب في الوسادة الهوائية، وقد يتعرض لإصابات جسدية خطيرة لا يحمد عقباها.
… يذهبُ البعض إلى أنَّ الحزام لا يحمي السائق بل يزيد “الطين بلة” مستدلًا بذلك ببعض الشواهد من رواة تحدثوا عن حادثة تضرر منها السائق، أو الراكب نتيجة استخدامه الخاطئ للحزام، لذلك أحببت توضيح أمر أن لكل استخدام ضوابط، وإذا قام السائق أو الجالس في المقاعد الأمامية أو الخلفية بربط حزام الأمان يجب عليه الأخذ بمجموعة عوامل منها.. وضعية جلوسه على الكرسي، وطريقة ربطه للحزام، ناهيك عن “مخدع الرأس” لأهميته القصوى أثناء حدوث أي طارئ.
لقد أثبتتْ الدراسات أنَّ استخدام حزام الأمان يقلل من الوفيات بنسبة 20%-25%، وفي دراسة أخرى ثَبَت أن الشخص يحتاج من خمسة إلى سبعة أيام ليصبح استخدامه عاديًا، بينما يشعر الشخص في اليوم الأول بأن الحزام يحد من حركته، وبينت دراسة قامت بها إحدى الجامعات في طوكيو أن 80% من الوفيات التي تحدث للسائقين تتضاعف بنسبة 5 مرات في حال وجود مرافقين لا يربطون حزام الأمان.
… إنَّ استخدام حزام الأمان يقلل من مخاطر الوفاة بين راكبي المقاعد الأمامية بنسبة تتراوح بين 40% و65%؛ لذلك سنت التشريعات بوجوب ربط حزام الأمان، وجاءت السلطنة ضمن الدول الرائدة في تطبيق حزام الأمان، وكان ذلك في يناير 1990، وتم تضمينه في قانون المرور ولائحته التنفيذية، ويؤمل أن يشمل التعديل الأخير لقانون المرور استخدام مقاعد خاصة للأطفال الرضع، ولغاية الست سنوات، وأيضًا لراكبي المقاعد الخلفية على حد سواء بالمقاعد الأمامية.
ويُلاحظ من بعض سائقي المركبات إغفال أمر مهم، ولا أعلم إن كان تجاهلًا أم تغاضيًا، عندما يصطحبون أطفالًا في مركبتهم غير مبالين بسواعد الوطن، وفلذات أكبادهم، يضعون أطفالهم في أحضانهم، أو في المقعد الأمامي حتى وإن كانوا مرتدين الحزام فهم عرضة للإصابة الخطرة نظرًا لعدم توافق أجسامهم الصغيرة مع الحزام، ناهيك عن الأطفال الرضع، حيث تصنف تلك السلوكيات من أخطر الأعمال؛ لذلك من الأهمية بمكان أن تستخدم عائلةً بها رضع أو صغارٌ في السن استخدام مقاعد تناسب أعمارهم وأوزانهم، وذلك باتباع القيود الخاصة التي تحددها الشركات المصنعة بذلك، ويعد “المقعد المواجه للخلف” أكثر حماية للأطفال الرضع حتى يبلغ الرضيع سنة، ويزن 13 كيلوجرامًا على الأقل، وفي دراسة قرأتها حول أهمية المقاعد الخاصة بالرضع، أوضحت هذه الدراسة أن “رأس الطفل الرضيع أكبر نسبيًا من أعضاء جسمه الأخرى، وعضلات رقبته ضعيفة”؛ لذلك يجب أن يحميه من الاهتزاز تجنبًا للإصابات الخطرة، حيث يعمل المقعد المخصص للرضع على احتضان رأسه، وبما أن خلفية المقعد تواجه مقدمة السيارة فإنها تمتص قوة الصدمة، وهناك المقعد الموجه للأمام، والمقعد الرافع، والوسادة الرافعة وغيرها من الابتكارات التي حرص الخبراء على تقديمها لنا حفاظا على حياتنا.
حزام الأمان سلامة وأمان.. “نعم.. صدقوا فقالوا، بذلوا فما فتئوا” خدمة للبشرية إنهم خبراء المركبات الذين يقدمون لنا كل جديد بين حين وآخر؛ فمن أجل الحياة، اربط الحزام، إنه لا يستغرق من وقتك سوى ثوان ولأجلك وجد، ولأجلك، لا تغفل استخدامه طالما أن له الكثير من الفوائد، طرح منها القليل وهناك أكثر. تأمل فيما كتبت من حقائق علمية، وتذكر أن فرصة الإنسان للحد من الإصابات البليغة والوفاة تكون أكبر خمس مرات إذا كان الفرد مستخدمًا حزام الأمان.
وختامًا.. السلامة المرورية معنى جميلٌ ينشده الجميع، بل إنها أصبحت مطلبًا ملحا في حياة مليئة بالمفاجآت أدعو الله تعالى أن تكون السلامة على الطريق هي الرفيق الدائم لكم، وأن يجنبكم مخاطر الطريق.. أستودعكم الله.