فوزي بن يونس بن حديد
أثبتت الدراسات الحديثة أن الهاتف النقال سبب رئيسي في حوادث الطرقات، والأرقام شاهدة على ذلك في إحصاءات لشرطة عمان السلطانية، ويبقى هذا الجهاز محور الخطر على الإنسان عندما يقوم بسياقة السيارة في الطريق، وتبقى الحلول ممكنة للتخلص من هذه الآفة، فالسائق وهو في الطريق لا يدري حجم الخطر المحدق به إن هو ردّ على مكالمة هاتفية أو اهتمّ بالتصفّح في الانترنت أو كتب رسالة نصيّة كلها تؤدي إلى النتيجة نفسها، حادث مروري مروّع سببه تصفّح السائق لرسالة نصية وردت إليه، أو انشغل بمكالمة هاتفية أو أراد أن يردّ على بعض الأصدقاء على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، ارتباك واضح، بطء شديد في السير، افتعال زحمة شديدة في الطريق دون موجب، تسبّب في انفعال السائقين الآخرين، إلى غير ذلك من السلبيات الكثيرة والمتنوّعة والمتعدّدة التي نجنيها من وراء استخدام الهاتف النقّال، فهل حقّا نحتاج إلى فتوى دينية تحرّم استعمال الهاتف النقال عند السير في الطرقات حتى ينتهي الناس من استعماله؟
إنها ثقافة قبل أن تكون فتوى، أن يفهم السائق أنّ حتفه بين يديه وهو المتسبّب فيه، ويتيقّن أن لا أحد سيخرجه من أزمته التي تحلّ به بعد أن يقع حادث لا قدر الله، وماهي الطريقة المثلى للخروج منها بأقل الخسائر، إنها مشكلة ومعضلة حقيقية وواقعية لأنها تمسّ شريحة لا بأس بها من المجتمع تحتاج إلى حل سريع ومثالي في الوقت نفسه، تحتاج إلى طريقة ذكيّة لا تحرج الناس بل تفهمهم أن ما يفعلونه خطر عليهم أوّلا وعلى من معهم في السيّارة، وهم مسؤولون على أنفسهم وأنفس غيرهم، وحفظ النفس واجب من الواجبات ومقصد من مقاصد الشريعة، وفي هذا الإطار تبنّت شرطة عمان السلطانية حملةً أسمتها “سياقة دون هاتف” هدفها توعية الناس بأن هذه الآلة التي نستخدمها أثناء السياقة قد تتسبب في حتفنا أو إصابتنا بعاهة طويلة المدى، ولذلك فهي تدعو الناس إلى اتخاذ أساليب جديدة في التعامل الحضاري مع الهاتف، وتتمثل في:
– التوقف جانبا ومواصلة الحديث
– عدم الردّ على أي مكالمة
– الالتزام بعدم التصفح أثناء القيادة
وعلى كل حال، فإنني أضع بين يدي شرطة عمان السلطانية استراتيجية جديدة في إطار الحملة نفسها لعلّها تفيد، وهي فكرة جديدة قد تكون غير مطبّقة في العالم، اهتديت إليها من وحي الفكر والتأمّل في حال الناس وهم يقودون مركباتهم ويتحدثون بهواتفهم، ولقد لاحظت بنفسي هذا يتكرر يوميا وأقول في نفسي يا ليت هؤلاء يعلمون ما يفعلون.
تتكون هذه الخطة فيما يلي:
1- تشكيل فريق من شرطة عمان السلطانية بلباس مدني ومركبات مدنية مهمته توقيف أي سائق يقوم بالردّ على مكالمة أو يتصفّح الانترنت.
2- الحديث مع السائق بلطف ومحاولة إفهامه أنّ ما يفعله خطأ وقد يتسبّب في حوادث مريعة تؤدي إلى موت كثير من الناس.
3- عدم تدوين مخالفة مرورية فورية حتى لا يرتبك السائق لأن المهمة توعوية بالدرجة الأولى.
4- تدوين اسمه وبياناته وإخباره بأن لديه نقطة لأنه ضُبط وهو يتحدث بهاتفه.
5- نشر هذا الفريق على مستوى محافظة مسقط كتجربة أولى حتى تتبين فاعلية البرنامج الجديد.
6- إذا تكررت المخالفة من الشخص نفسه يحذّر من الوقوع في الخطأ نفسه مرة أخرى.
7- تحديد عدد النقاط وهي تمثل عدد مرات الخطأ المتكرر
8- وإذا كرّر أكثر من عدد النقاط المتفق عليها تسحب منه الرخصة تلقائيا لمدة معينة.
9- تحذي السائق إذا سحبت منه الرخصة من المغامرة والقيادة دون رخصة
10- يمكن تعميمها إذا نجحت التجربة في محافظة مسقط
وبالتالي تكون الحملة قد أثبتت جدواها ونجحت في التخفيف من حالات الإهمال بسبب استعمال الهاتف النقال أثناء القيادة.
أرجو أن ينال هذا الاقتراح إعجابكم ويصل إلى المسؤولين بشرطة عمان السلطانية للتقييم والبحث في جدواه.