فوزي بن يونس بن حديد
يسألونك عن الهاتف النقال أو المحمول، فقل إنه الرفيق والصديق الجديد الذي لا يستغني عنه أحد، كان حكرا على رجال الأعمال وأصبح في متناول الجميع حتى الأطفال، إنه أشبه بلعبة الكترونية تتناقلها الأيدي والآذان، سمّه ما شئت: الهاتف النقال أو الهاتف الجوال أو الهاتف المحمول، وزنه خفيف يصول ويجول بك حول العالم وينقلك من حالة التعقل إلى حالة الإرباك، تتكلم وتحاور نفسك وتنسى من حولك وتنسى أنّك في عالم مليء بالمفاجآت ومحاط بالأخطار.
إنه الهاتف الذي إذا لم نتعامل معه بطريقة حضارية ومع كل لعبة الكترونية فإننا نقع في فخّه ويجرنا إلى ويلاته، حتى ونحن نناجي الله في صلواتنا ينتابنا شعور بأننا يجب أن نرد على رنّاته وننسى أننا مع الله عز وجل وبين يديه، البعض يحركه والآخر ينظر إليه والثالث يكاد يرد عليه فماذا جنى العبد من صلاته إذا سوى التعب والإرهاق، أرهق نفسه بحركات لا تسمن ولا تغني من جوع ونسي روح الصلاة وهي الخشوع والخضوع لرب السماوات والأرض.
أصبح الهاتف المحمول يتجول معك وينقلك من مكان إلى مكان من حيث تدري ومن حيث لا تدري وربما أودى بحياتك من حيث لا تدري، تقول تلك حضارة وذلك تقدم أن تقود سيارة مثلا وتتحدث أو تكتب رسالة ولكنه تحضر ينمّ عن تخلف أو سوء عاقبة في الطريق لا يرحمك إن أنت أخللت بقوانينه وتشريعاته، فلم يجعل الله عز وجل للإنسان قلبين في جوفه خوفا عليه من أن يهلك نفسه بنفسه فحذرنا في كتابه العزيز بقوله: “ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة”.
حذار من الانجرار وراء دعوات الهاتف النقال وأنت في حالة تستدعي النسيان، ينادي عليك أن أجِبْ في الحال، هناك من يزدريه ولا يرد عليه وذلك هو الصواب، وهناك من يقف جانب الطريق فيكمل محادثته ثم يواصل سيره بأمان والكثير منا مع الأسف الشديد لا يبالي ويرد عليه كما لو ناداه رب السماوات، رغم التنبيهات والتحذيرات واللوائح والإرشادات التي تحث قائد المركبة على حظر استعمال الهاتف النقال أثناء قيادته السيارة حتى لا يتسبب في حوادث قد تكون مميتة، حذار من تصرفات غبية تودي بحياتك وحياة الآخرين في لحظة زمنية، تعقّل أيها الإنسان وأبصر طريقك بطريقة حضارية واعية تنمّ عن تقدمك ووعيك بما يجري حولك فلا إفراط ولا تفريط، وحذار من التهور والاندفاع فإنه لا يجرّ إلا إلى الخسران والوبال، فلكل خَلْق حكمة، وحكمة الله جل شأنه في خلقه أن خلق لهم عقلا، به يفكرون وبه ينقذون أنفسهم من براثن الشيطان ووحول الشهوات، فهل يعقل أن يساهم الإنسان في هلاك نفسه؟ نعم إذا اتبع هواه وخطوات الشيطان فإنه يبتعد عن السلم رويدا رويدا ويدخل في حرب مع نفسه لا يدري كيف تكون نهايته.
ما الذي حدث؟ تنبهنا الشرطة باستمرار أن استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة سبب كبير من أسباب الحوادث ولا نبالي، ونجد كثيرا من الناس ما زالوا يستخدمونه وهم يقودون ومعهم نساء وأطفال يكونون ضحية تصرف طائش وغير حضاري، فماذا يضيرك أيها الإنسان لو أوقفت سيارتك على جانب الطريق وتحدثت بكل ارتياح مع من تريد، فأمنت على نفسك ومن معك أم إنه التكبر والعناد والتهور، وإذا ضبطك شرطي تتندر من المخالفة وكأنك لم ترتكب جريمة تحاسب عليها أمام القانون.
تَفكّر قبل أن تقود سيارة أو تقبل على الله في الصلاة أن الهاتف وسيلة من وسائل الاتصال أنت تتحكم فيها كيفما تشاء لا تدعها تقلقك وتنزع منك راحتك، ولا تهمل قوانين الطرقات ففيها سلامتك وسلامة غيرك من الناس وكن على مقربة من نفسك لترى الحياة من جديد.