للأسف الشديد فإن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن الإفراط في السرعة تعد من أشيع إنتهاكات قانون المرور وهي السبب الأكثر الناجم عنها وفيات وإصابات بليغة, ويستفحل ممارسة هذا السلوك الخطر من بعض السائقين في الطرق المفتوحة التي عادة ما تغري البعض على القيادة بسرعة مفرطة.
وإزاء هذا الإنتهاك الصارخ والخطر لقانون المرور وأنظمة تنظيم الطرق, فقد عملت الجهات المعنية بضبط الحركة المرورية على الطرق لمواجهة هذا التصرف الخاطيء وغير المقبول, حيث وضعت بدورها عدة تدابير لإجبار السائقين على الحد من السرعة المفرطة على الطرق, وإحدى تلك التدابير المشروعة المهمة للحد من الحوادث المرورية نتيجة السرعة تأتي في مقدمتها “أجهزة ضبط السرعة” التي ما أن يتم تشغيلها إلا ويكون لها النصيب الأكبر في ضبط حالات مخالفات السرعات المحددة على الطرق, بالرغم من أن هناك وقبل بداية أي طريق رئيسي ثمة لوحة بوجود “الرادار” وأخرى “تحدد السرعة” وليس شرطاً ملأ الطرق في مسافات متقاربة بهذه اللوائح فيكفي وضوح لوائح الإعلان والتنبيه في بداية كل طريق ليعلم الجميع بها, وبالرغم من أننا مررنا بتلك اللوائح وألفنا أماكن تموضع “الرادارات” ومع ذلك فإننا نتعمد تجاهل تلك التحذيرات وحتماً فإن النتيجة ستكون الوقوع في شراك “الرادار” -إن صح التعبير- وهي مخالفات كثيرة مقارنة مع بقية أنواع المخالفات الأخرى بدلالة الإحصائيات المرورية, والعقوبة إما المخالفة بدفع رسوم المخالفة, وإما الحجز الشخصي والمركبة, وإما بإرسال ملف المخالفة للقضاء وهي الجهة المخوّل لها بتحديد نوع العقوبة على المخالف.
والمنطق في هذه الحالة أن لا نتذمر ولا نتهم “الغير” بالتعسف في إستعماله أو الترصد لضبطنا متلبسين, أو بالتسبب في إستهلاك فرامل مركباتنا, فالهدف من وضع أجهزة ضبط السرعة بالوضعية والمكان والطريقة ليس لجباية الأموال أو فرض أعباء مالية -كما يدعي البعض- وهذا إنتقاد مستغرب وعذر من لا عذر له, ولعمري أن مثل هذه الإدعاءات الواهية لا تبدر إلا من قبل المتهورين وأصحاب السرعات الجنونية على الطرق, فالحقيقة الأكيدة أن هذه الأجهزة طوعتها الحكومة لتلبية مصلحة المجتمع كجانب ردعي يتمثل في وجود لوائح تحذر من مغبة تجاوز السرعات القانونية وزجري ويتمثل في إنزال عقوبة المخالفة أو الحجز على المخالفين, وذلك لهدف أسمى ألا وهو المحافظة على الأرواح من آفة الحوادث المرورية.
أجهزة ضبط السرعة حساسة التصنيع لإعتبارات كثيرة منها ضرورة أن تكون عالية الدقة من حيث رصد ذبذبات حركة المركبات من خلال الشعاع المنبعث من “الرادار” تجاه الأجسام المتحركة, ووضوح التصوير كصورة ثابتة أو متحركة “فيديو”, وعملية نصب “الرادار” وتموضعه على الطرق تخضع لمقاييس معينة كإختيار الطرق التي عادة ما تكثر فيها الحوادث وتمارس فيها السرعات العالية والأماكن الخطرة وفي الطرق الرئيسية التي تشهد حركة مرورية مستمرة, وهناك ترتيبات وشروط معينة وضبط تقني لكي يعمل بطريقة صحيحة, ويجب أن يكون بوضعية خاصة في حالة ضبطه للعمل في الإتجاهين, وقبل تشغيلها تتم برمجتها لضبط السرعة بناءاً للسرعة القانونية المحددة على الطريق, والأنجع أن يكون تشغيل أجهزة ضبط السرعة فجائياً وليس معلناً.
الأكيد في الأمر أن الرصد “الراداري” ساهم في الحد من حوادث الطرق المؤلمة والكارثية المرتبطة بالإفراط في السرعة بشكل كبير, وله دور فاعل في خفض مستويات الحوادث المرورية من الإجمالي العام.
مع خالص التمنيات في الحل والترحال بأن تكون السلامة هي الرفيق الدائم لكم على الطريق.