محمد بن سيف الرحبي
شخصيًا، لا أجد في الأمر مشكلة إذا تكاثرت أجهزة ضبط السرعة، ولا أعتبر الأمر جباية إذا تكاثرت المخالفات، ولا أشعر بالضيق لارتفاع ما ندفعه سنويًا جراء عدم الالتزام بالسرعة المحددة، أو غيرها مما يستدعي المخالفة.
هذه المرة ضبطني الرادار 15 مرة، ودفعت كوني أستحق تلك الضربة الموجعة المضافة إلى قيمة التأمين والتجديد لما ارتكبته من زيادة غير قانونية كان يجدر بي الالتزام طالما أنني مؤمن بمخاطر السرعة وتداعياتها التي جربتها أكثر من مرة، إنما نسيان المؤشر على اللوحة الأمامية عامل يضاف إلى ضعف المخالفة، عشرة ريالات، لا بأس.. لو كانت مائة لتغير وضعي، وجعلت من عيني أفضل رادار لمراقبة التوازن بين سرعة السيارة واللوحة المثبتة على الشارع الموضحة لمقدار السرعة عليه.
لماذا أخشى كثرة أجهزة ضبط السرعة طالما أنا منضبط؟ فواثق الخطوة يمشي ملكا، كما يقال، ولا يخاف إلا المخطئ، ولا يتذمر إلا المجازف والمعتاد والراغب في مخالفة القانون، أما السائر (عدل) كما يقول المصريون فهذا سيحتار حتى عدوه فيه، وليس جهاز الرادار فحسب.
عندما نقرأ أن عدد الوفيات في النصف المنصرم من العام الجاري انخفض بنسبة (9) بالمائة فهذا مدعاة للمطالبة بتشديد العقوبات المرورية أكثر، وحين نعرف أن عدد الإصابات تراجع أيضا بنسبة (14 ) بالمائة فيمكننا القول بأن عدد المصابين وهو يتناقص أهم بكثير من عدد المخالفات وهو يرتفع، فلم يضبطنا (الرادار) ونحن نلتزم بالسرعة التي لا تقودنا إلى التهلكة، أو تلك المتسببة في إزهاق أرواح بريئة، عدا الإصابات التي تضج بها المستشفيات، وهي كلفة خطيرة في حسابات التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية.
نستعيد الأرقام مع أهمية تذكر ذلك التدافع الكبير للأرقام خلال السنوات الفائتة، حيث ارتفع خلال سنوات قلائل من 600 وفاة إلى أكثر من 1300 (ضحية) خلال عام واحد عدا آلاف المصابين وقد ضاقت المستشفيات بهم، وزيارة إلى أجنحة علاج مصابي تلك الحوادث تعطي مناعة ضد التهور، لكن ويل لقلوب لا تحس، وقد يغري أحدهم مشهد جسد ألقته السيارة بعد حادث ميتا أو شبه ميت فإذا به يتفرغ لحفلة تصوير.
إنما.. هل بالرادارات تنخفض تلك النسب، في الحوادث والمتوفين والمصابين؟!
من الصعب إعطاء تلك الأجهزة كل ذلك الفضل، فالتغييرات على خط الباطنة أعطى ثماره.
أتمنى أن أرى ضبطا أكبر للحالة المرورية، لا أن نكتفي بضبط السرعة وحدها، فتغليظ العقوبات على المخالفين في جميع الحالات المرورية مع وجود شرطي المرور القادر على فرض هيبة القانون، لا أن تترك الشوارع تغص بزحامها بينما ذلك الشرطي يسجل غيابا.
هي الطبيعة البشرية، تخشى الأسوأ، وتتغاضى عن الضربات البسيطة، مع نسبية تحمل هذه (الضربات) بين (سائق) وآخر، لكن حضور هيبة القانون، وشدته في التعامل، ستنظف شوارعنا من هواة القتل المجاني لاعتقادهم أنهم ماهرون.. كم من ضحايا السير من اعتقد أنه أمهــــر سائق سيارة!.