فوزي بن يونس بن حديد
نموذج رائع من التواصل بين شرطة عمان السلطانية والمواطن من خلال تدشين حملات وقائية تهدف إلى تحسين حالة السير على الطرقات العامة، فمن خلال حملة “شكرا.. على تقيدكم بالسرعة” يتبين أن الشرطة جادة في بسط حوار طويل المدى مع السائقين بمختلف أحوالهم، فهي تجس نبض السائق عن قرب وهو يقود مركبته في الطريق هدفها أن يكون آمنا طوال رحلته دون منغصات، وحيث إن السرعة هي السبب الأول في وقوع الحوادث كان لا بد من التركيز على حلول أكثر نجاعة للحد من الأضرار الجسيمة التي تلحق بالأموال والأبدان.
فقد أثبتت الدراسات العلمية أن السائق الذي يسير بسرعة تفوق السرعة القانونية يعرض نفسه بنسبة كبيرة للخطر ولا يمنع من ذلك شيء إلا قدر الله، كما أن الشرع الحنيف جعل المحافظة على النفس مقصدا من مقاصد الشريعة العليا وواجبا دينيا لأن الروح التي بين جنبينا ليست ملكنا وإنما هي ملك الله عز وجل وحده وهو قد أمّننا عليها وجعلها أمانة في أعناقنا ونحن مسؤولون عن أي فعل جاء باختيارنا وتسبب في خدشها، إنها روح الله التي عبّر عنها المولى عز وجل بقوله: “فنفخنا فيه من روحنا” فلولا هذه الروح ما تحرك إنسان خلق من تراب وطين وماء، فهي المحرك الأساسي لجسم الإنسان وبها يحيا حياته الطبيعية وبها يسعد أو يشقى، وبها يشعر ويتألم ويفرح ويحزن، فكل هذه المشاعر والأحاسيس نابعة من حياة الروح نفسها، لذلك شدّد الإسلام بل حرّم قتل النفس بغير حق والاعتداء عليها أو إلقاءها إلى التهلكة، ولذلك جاءت التوجيهات النبوية سديدة حينما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه بالالتزام بآداب الطريق حيث لا ضرر ولا ضرار.
زد على ذلك كانت السرعة محور لقاء كبير بين حضرة صاحب الجلالة والشعب العماني في إحدى جولاته السامية فقد خصص الحديث عن السرعة باعتبارها المحور الأول الذي أودى بحياة الكثيرين في البلاد، كان لقاء شعبيا في أتم معانيه، وهو عبارة عن مؤتمر يحكي أسطورة الحوادث وأسبابها ويبحث عن حلول عاجلة لمشكلة باتت تؤرق كل بيت عماني لا سيما أيام الإجازات والأعياد، كان يتحدث إلى شعبه بلغة الأب الحنون العطوف على أبنائه المشفق عليهم الداعي لهم أن يجنبهم كل مكروه وكل سوء.
وبعد جهود كبيرة ومعطيات جديدة كان لها صدى كبير في التحول الدراماتيكي على الطريق، انتشرت دوريات الشرطة في النقاط التي تزدحم فيها حركة المرور، وثبّتت أجهزة الرادار الجديدة لإجبار المتهورين على خفض السرعة وإحساس الآخرين أن الشرطة مهتمة بالحفاظ على الجميع، فالبشر هم الرهان الصحيح الذي عليه معول البناء، وكثف قسم التوعية والإعلام بشرطة عمان السلطانية دوره في توعية الناس بكل ما يمكن أن يخدمهم في الطريق فكانوا بحق شعلة وقادة من العمل، يعملون جاهدين من خلال موقع الإدارة العامة للمرور وشبكات التواصل الاجتماعي ويتواصلون مع السائقين ويجيبون على أسئلة المتصلين، منشورات هنا وهناك ومطويات ومحاضرات ودروس ومقالات وحوارات على تويتر، والفيسبوك وتفاعل كبير بين المتحاورين، رجالا سخروا أنفسهم لخدمة المجتمع ومن أجل السهر على أمنهم وراحتهم، أرادوا أن يكونوا من الشعب وهم جزء من الشعب.
فالحملة بدأت تؤتي ثمارها، وثمارها تجلت في انخفاض في عدد الوفيات في الحوادث بشكل ملحوظ بعد جهود جبارة قامت بها شرطة عمان السلطانية وعلى كافة المستويات حرصا منها على حياة الإنسان في عمان وعملا بمبدأ الوقاية خير من العلاج.