يوم بشاهد عيان آخر هو الفاضــــل حمـــــود بـــن سعيـد بن سالم الراجحـــي ، والذي تعرض لحادث سير سببه السرعة الزائدة والتهور مما نتج عنه إصابة بكسور فــــي الرقبة وأصابع اليد (عجز دائم بنسبة 24 %). عونا نقترب أكثر من الأخ حمود للاعتراف بالخطأ الذي ارتكبه وكان صريحًا معنا ولفت انتباهنا في هذا اللقـــــــــــاء.
حمود تشرفنا بمعرفتك في البداية نشكرك على إتاحة الفرصة لنا لنجري معك هذا الحـــوار البنـــاء والهــــادف بإذن الله تعالـــى والـــذي نتمنـــى مـــن خلاله أن يتعض كل متهور وغير مبالٍ بخطورة السرعة.
هل لك أن تحدثنا عن قصة الحادث الذي تعرضت له وما نتج عنه من إصابات وكيف وقع الحادث؟!
بأمانة سأكون معك صريح لعل وعسى أن أكون عبرة للشباب ليتعضوا مما أنا فيه حتى يلتزموا بأنظمة المرور حماية للأرواح والممتلكات وحقناً للدماء . كنت شخصاً أهوى السرعة وأسوق سيارتي بسرعة جنونية وكنت غير مبالٍ بما سيحدث لي أو ما يمكن أن يودي بصحتي , في إحدى الليالي كنت في منزلي وبصحة وعافية ولله الحمد وفجأة يأتيني اتصال من أحد الأصدقاء مفاده أن صديقك فلان تعرض لحادث سير اليم ( شارع هيماء أدم ) وانتقل إلى رحمة الله (إنا لله وإنا إليه راجعون) بأمانة صدمت بهذا الخبر واتصلت بزملائي للذهاب إليهم والإطمئنان واتفقنا أن نذهب في سيارتين كان عددنا عشر أشخاص وكنت أنا أسوق سيارتي الخاصة ومعي أربعة أشخاص وأخي يقود السيارة الأخرى ومعه أيضاً أربعة أشخاص وانطلقنـــا إلــــى مستشفى نزوى وكانت سرعتنا ما بين ( 140 إلى 150 ) ووصلنا بفضل الله سالمين إلى مستشفى نزوى وقت الظهر وبالفعل وجدنا أن صديقنا قد انتقل إلى رحمة الله ونقل بسيارة الإسعاف إلى مثواه الأخير لمواراة جثمانه. كان أيضاً هو الآخر يعشق السرعة ويسرع أكثر مني المهم التقينا بزملائنا الآخرين ممن كانوا معه في الحادث واطمئنا على سلامتهم وصحتهم كانت إصاباتهم بسيطة , أدينا واجب السلام و الزيارة لهم وقررنا بعد ذلك أن نذهب لتناول وجبة الغداء وبعدها مباشرة نتحرك إلى جنوب الشرقية لنشارك في تشييع جثمان المرحوم الذي توفي في الحــــادث الذي وقـــع عليهم ما بين هيمــــاء وأدم. بعد أن تناولنا وجبة الغداء انطلقنا إلى ولاية جعلان بني بو حسن وكنت أقود سيارتي بسرعة تصل إلى (140 ) وفي منتصف الطريق شعرت بإرهاق شديد واستوقفت المركبة على جانب الطريق وتولى قيادة المركبة زميلي وكان أيضاً هو الآخر يعشق السرعة ويسرع أكثر مني وكانت سرعته (150 ) ونحن باتجاهنا لولايتي من أجل المشاركة في تشييع جثمان زميلي وأنا غلبني النعاس في المركبة ولم أدري ماذا حصل ؟!
ماذا حصل؟!
وصلنا إلى ولاية المضيبي وقبل ولاية القابل دخل علينا شخص بمركبته ومن شدة السرعة الجنونية التي كان زميلي غير مبالٍ بها والتي وصلت (150) وربما أكثر من ذلك لم يستطيع التصرف في السيطرة على المركبة وتدهورت خارج الشارع بتلك السرعة ! أنا فقدت الوعي والسيارة كانت من نوع ( جيب شروكي ) من شدة التدهور اشتعلت النار داخل المركبة من الأمام وخلفنا السيارة الأخرى التي كانت برفقتنا والتي يقودها أخي ومعه كان قد سارع بإنقاذنا ولله الحمد لولا لطفه ووجود أخي معنا في المركبة الأخرى لكنت أنا وزملائي الأربعة في حالة يرثى عليها تدهورت المركبة خارج الشارع ففقدت الوعي.
أخرجونا من المركبة وأنا فاقد للوعي وتم نقلي إلى مركز صحي القابل لأنني كنت فاقد الوعي أما زملائي الأربعة تم نقلهم إلى مستشفى إبراء لتلقي العلاج ولله الحمد حالتهم الصحية جيدة ولم تكن إصاباتهم قوية , بعد استقرار حالتي الصحية نقلت مباشرة إلى مستشفى إبراء لاستكمال باقي الإجراءات الطبية لعمل اللازم وأجريت لي الفحوصات الأولية والكشوفات الطبية حيث جلست في مستشفى إبراء تقريباً 24 ساعة تم تحويلي بعدها إلى مستشفى خولة وخضعت لتلقي العلاج بمستشفى خولة لمدة شهر كامل كنت عاجز عن الحركة طول هذه المدة نتيجة الكسور في رقبتي وأصابع اليدين.
بعد أن تلقيت العلاج.. ماذا كانت نتائج الفحوصات والكشوفات الطبية؟
أصبت بعدد من الكسور في رقبتي بالإضافة إلى كسور في أصابع اليدين والتي أقعدتني شهراً كاملاً بالمستشفى لا أستطيع الحركة.
ما الذي أخبروك به الأطباء وأنت كنت تتلقى العلاج؟!
صدمت بما أخبروني به الأطباء حيث قال لي الطبيب المشرف على علاجي بأنني ربما سأصاب ( بشلل رباعي ) كنت مؤمناً بما يكتبه لي ربي ولكن أيضا شعرت بخوف شديد وحزن عميق ألم بي وأفجعني حقيقة وتساقطت من عيني دموع كثيرة كان أول تفكيري بعد أن سمعت هذا النبأ من الطبيب في أهلي وأطفالي وزوجتي كيف لي أن أعيلهم وأنا عاجز عن الحركة وقد زدتهم معاناة فوق معاناة والأشد والأمر أنني سأظل طول حياتي مقعداً على كرسي متحرك!!!
ن … لولا رحمة ربي وحبه ولطفه بي لــــم أصاب بهذا النوع من الشلل وإنما كانت إصابتي بعد ما تأكدت وأكدوا لي الأطباء ذلك أنني سوف أصاب بعجز دائم بنسبة 24 % ولكنني قادر على الحركة ويمكنني أن أمارس حياتي بشكل طبيعي رغم هذا العجز ولكن طبعاً ليس مثل ما كنت عليه سابقاً فالصحة نعمة وتاج على رؤوس الأصحاء , أشكر ربي أنني لم أصب بالشلل الرباعي الحمد لله رب العالمين.
تعلمت درس كبير من هذا الحادث وخاصة أنني متزوج ولي ستة أطفال كنت متهور وغير مبالي بخطورة الأمر في قيادة السيارة وأعشق السرعة وبعد أن تعرضت لهذا الحادث وما نتج عنه أدركت تماماً أن السرعة قاتلة ومكلفة تماماً وأنها تجني المآسي الدامية والمعاناة لمن يتعرضون لنتائجها.
نفسك مقارنة بما كنت عليه قبل الحادث؟
ل لك أن حياتي لم تتغير بل تغيرت واختلفت عن السابق كنت أعمل وأتحرك بشكل طبيعي واحمل كل شيء حتى الأشياء الثقيلة وكذلك وأعمال المنزل وغيرها من أعمال حياتنا اليومية وليس لدي أي مشكلة ولكن بعد الحادث أصبت بعجز دائم بنسبة 24 % وهو ما غير من وضعي الصحي وجعلني غير قادر على العطاء مثل السابق حيث كنت أعمل بوزارة الصحة ( مستشفى جعلان بني بو حسن ) وبعد إصابتي تم تغيير وظيفتي ونقلت إلى المديرية العامة للخدمات الصحية بمحافظة جنوب الشرقية في وظيفة إدارية اقل جهداً مما كنت عليه في المستشفى نظراً لظروفي الصحية.
لديك رسالتان الأولى لمن توجهها والثانية لمن؟
الرسالة الأولى لجميع الشباب العماني في سلطنة عمان أتمنى أن يتبعوا السلوك الصحيح في قيادتهم لمركباتهم وان يتقيدوا بأنظمة وقواعد وقوانين السير وأن يحافظوا على أنفسهم وخاصة المتزوجين منهم فكروا في أطفالكم وزوجاتكم وأهليكم ابتسامتهم لا تطفئوها بحادث أليم.
الرسالة الثانية رسالة شكر لمن وقف بجانبي وساند حمود الراجحي ورفع من معنوياته وشجعه على الاستمرار وشكر خاص لأهلي عامة الذين وقفوا بجانبي وقفة صادقة وقطعوا الكيلو مترات من اجل زيارتي وكذلك زملائي الأعزاء وشكر خاص لزوجتي الغالية التي كان لها الفضل الكبير في تحسين مستواي الصحي ومواصلة دراستي الجامعية وبالفعل استطعت أن أتغلب على مشكلتي وأصبحت قادراً على العمل وممارسة حياتي بشكل طبيعي ولله الحمد.
نشكرك جزيل الشكر على إتاحة الفرصة لنا وسعدنا بهذا الحوار متمنين لك دوام الصحة والعافية والعمر المديد.
شاكراً لكم على هذا الاهتمام ونشكر شرطة عمان السلطانية على ما تبذله من جهود كبيرة في السلامة المرورية والشكر موصول للإدارة العامة للمرور على هذا الحوار الطيب متمنياً لكم مزيداً من التقدم والرقي وحفظ الله عماننا الحبيبة من كل مكروه .