الجزيرة.نت
مُنذ نحو الستين عاماً، نشر الكاتب الأميركي إسحاق أسيموف قصة قصيرة عن سيارة ذاتية القيادة قادرة على التحكم بشكلٍ كامل بمسارها وحركتها في الشوارع دون تدخل الإنسان، ويبدو أن ما تم اعتباره في ذلك الوقت ضرباً من الخيال أصبح واقعا في بعض الولايات الأميركية.
وتعد شركة غوغل الأميركية الأكثر سعيا لاستكمال مشروعها من السيارات الذاتية القيادة، حيث أجرت اختبارات حية في الشوارع لسيارات من دون سائق مصنعة من قبل شركات شهيرة مثل ليكزس (إحدى أقسام شركة تويوتا اليابانية) المختصة بصناعة السيارات الفارهة.
كما كشفت منتصف العام الجاري عن تصميمها الخاص لسيارتها الذاتية التي ستعمل على نقل الركاب دون وجود عجلة قيادة أو دواسة وقود، وتتسع السيارة بحسب التصميم لراكبين فقط، وتتم قيادة السيارة كلياً بواسطة حاسوب يعتمد على مجموعة متنوعة من الحساسات المثبتة على المركبة.
وفي عام 2013 كانت أربعة ولايات أميركية -هي نيفادا وفلوريدا وكاليفورنيا وميشيغان- قد أصدرت قوانين تجيز استخدام السيارات الذاتية القيادة. كما تخطط عدة مدن أوروبية في بلجيكا وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة لتشغيل أنظمة نقل خاصة بمثل هذه النوعية من السيارات.
وإلى جانب غوغل، توفر الشركات الشهيرة المصنعة للسيارات في هذه الأيام طرزا قادرة على تنفيذ بعض المهام بشكل ذاتي، مما يُعدُ مقدمة لتطوير سيارات ذاتية القيادة بشكل كامل في المُستقبل، حيثُ تُنتج شركة مرسيدس بنز سيارة من سلسلة “إس كلاس”، تقوم بتنبيه السائق لدى انحرافها عن مسارها أو عند اقترابها من السيارة التي أمامها، وفي حال عدم استجابة السائق لهذه التنبيهات فإن السيارة تقوم بحرف الدواليب والعودة إلى الوضع المُستقر، أو تطبيق الفرامل تلقائياً.
كذلك وعد الرئيس التنفيذي لشركة صناعة السيارات اليابانية الشهيرة نيسان موتور، كارلوس غصن، بأن توفر شركته بحلول عام 2020 سلسلة كاملة من السيارات الذاتية القيادة.
ويختبر معظم مُصنعي السيارات في هذه الأيام طرزا من السيارة الذاتية القيادة، إيماناً منهم بأن توفر مثل هذه السيارات سيُساهم حتماً في خفض مُعدلات الحوادث، بالإضافة إلى توفير مزيد من الراحة والرفاهية للإنسان.
خفض الوفيات
ويشير العديد من العاملين على تطوير السيارات الذاتية القيادة إلى أنها ستكون حلاً ناجحاً في تقليل نسبة الوفيات الناجمة عن حوادث السير التي تُعدُ من أكبر مُسببات الوفاة حول العالم، حيث يفقد حوالي 1.2 مليون إنسان حياتهم سنوياً نتيجةً لتلك الحوادث، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وتوقع أستاذ الهندسة في جامعة ميشيغان، لاري بيرنز، والذي يعمل كذلك مستشاراً لغوغل، أن من المحتمل أن تصل السيارات الذاتية القيادة إلى الطرقات بحلول عام 2017، إلا أن المشكلة تكمن -على حد تعبيره- في أن العالم لن يكون مستعداً لاستقبالها بسبب مشاكل قانونية وتنظيمية، أو لرفض الناس تقبل فكرة قيام السيارة بنقلهم دون وجود سائق.
وشبه “بيرنز” السيارات الذاتية القيادة باللقاح الذي سيحفظ حياة الكثيرين، كما أكد ضرورة وصولها إلى أكبر عدد ممكن من الناس لتوفير الحماية لهم.
ويؤمن بعض المهندسين بأن السيارات الذاتية القيادة أكثر أمناً بخمس مرات من السيارات التي يقودها الإنسان، حيث عبَرَ “بيرنز” عن هذه الفكرة بقوله إن مثل تلك السيارات لا تشرب المُسكرات، ولا تنام، ولا يتشتت انتباهها كالإنسان، كما أن حساساتها تستطيع تمييز الأجسام المحيطة بها من مسافات بعيدة.
ومن العقبات التي تعترض طريق السيارات الذاتية القيادة هو أن معظم الطرز التي يجري تطويرها تحتاج إلى فترة يتم فيها تدريبها على الأمور المفاجئة وغير الاعتيادية التي قد تعترضها أثناء السير في الشوارع، وإن عملية التدريب هذه تتطلب تسيير السيارات في الشوارع وبين السيارات التقليدية، حيث إن بعض الأمور المفاجئة التي قد تظهر في وجه السيارة الذاتية القيادة لا يمكن محاكاتها في مختبرات التطوير.
ويعتقد “بيرنز” أن معظم الحكومات سترفض السماح لهذه السيارات بالسير في الشوارع بجوار السيارات التقليدية بغرض تدريبها، لكنه يأمل أنه حال تم تجاوز تلك العقبة وبرهنت السيارات الذاتية القيادة على كفاءتها، فإن كافة الدول حول العالم ستسمح بها وبالتالي فإن حياة الكثيرين ستكون في مأمن.