فضيلة الشيخ الدكتور : محمد الحمود النجدي
السؤال :
بعض الشباب لا يلتزم بقواعد المرور ، وإذا قيل له لم : تفعل ذلك ؟ قال : هذا ليس من أمر اللهأو دين الله فلا يلزمني ! فهل هذا الكلام صحيح ؟
الجواب :
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه ،،،
وبعد : فإن التزام المسلم بقواعد المرور وآدابه ، واجب على المسلم ، لوجوه كثيرة منها :
1- أن فيه حفظ النفس ، وهي من الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بالمحافظة عليها ، وهي : النفس والعقل والمال والعرض والدين فإهمال قواعد المرور وآداب السير يؤدي في كثير من الأحيان إلى الموت ، والوقوع بالهاوية بقتل النفس المعصومة ، وهذا من كبائر الذنوب ، قال تعالى : ( وَالذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا آخَرَ وَ لاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التِي حَرَّمَ اللهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَنْ تَابَ ) ( الفرقان :68- 70(
وقال صلى الله عليه وسلم : (( لا يزال الرجل في فُسْحَة من دينه ، ما لم يُصِبْ دمًا حراما )) رواه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.
والقيادة بسرعة وتهور قتل للنفس وانتحار ، وقد توعد الله تعالى فاعل ذلك فقال : ( وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا ) ( النساء : 29 – 30 )
وقال صلى الله عليه وسلم : (( من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده ، يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا .. ) الحديث في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه.
2- إن التزام نظام السير وقواعده ، طاعة لولي الأمر ، وقد أمرنا الله تعالى بطاعته وطاعة رسوله ثم طاعتهم فقال : (يا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ ) ( النساء (59).
وقال صلى الله عليه وسلم (( إن الله يرضي لكم ثلاثا .. أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا .. وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم ..)) متفق عليه وقال : الدين النصيحة ! قلنا لمن ؟ قال : ” لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ” رواه مسلم . والنصيحة لهم تكون بطاعتهم وعدم مخالفتهم وعصيانهم ، وإبداء المشورة النافعة لهم .
3- إن الإلتزام بقواعد السير، خلق يوافق الأخلاق الحسنة التي أمر الله تعالى بها عباده المؤمنين في كتابه وعلى لسان رسوله فقال تعالى : ( وَعِبَادُ الرَّحْمنِ الذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا ) ( الفرقان :63 ) أي : مشيا هينا رفيقا في تؤدة وسكينة ووقار. وقال على لسان لقمان الحكيم في وصيته لابنه ( وَ اقْصِدْ فِي مَشْيِكَ ) ( لقمان : 19 )
أي : ليكن مشيك قصدا بين التماوت والكسل ، والتهور والعجلة
وجعل النبي صلى الله عليه وسلم إماطة الأذى عن الطريق ، أي : إبعاد ما يؤذي الناس في طرقاتهم ، من شعب الإيمان ، وجاء في الحديث أن الله تعالى أدخل رجلا الجنة بغصن شوك أخره عن الطريق.
وقال صلى الله عليه وسلم : ” من آذى المسلمين في طرقهم ، وجبت عليه لعنتهم ” رواه الطبراني من حديث حذيفة بن أسيد.
فما بال هؤلاء الذين يؤذون المسلمين في طرقاتهم وشوارعهم ، بالتعرج الخطر والسرعة الجنونية !!!وكثير من الناس يفضل نفسه ويؤثوها على إخوانه من المسلمين ، فيتخطى الإشارة الحمراء ، ويأخذ حق غيره في المرور ، لأن الطريق ليس له وإنما لأخيه ، وقد يكون صاحب شغل وعجلة أكثر منه ، وقد وصف الله تعالى أصحاب نبيه في بأنهم : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) ( الحشر :9 )
فكان الواحد منهم يؤثر أخاه بالشيء ، وهو محتاج عليه .. وأخيرًا لنتق الله تعالى في جميع أمورنا ، ولنتذكر بأننا محاسبون على ما نأتي ونذر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .