لم يَدَع الإسلام كبيرة ولا صغيرة في شؤون الإنسان وما يصلحه في هذه الحياة إلا وأرشده إليه، ومن ذلك الاحتفاظ بالمظهر الحضاري في سلوكياته في الطريق وتعامله معه، فمن الآداب التي حثّنا عليها ذلك الدين القويم: آداب الطريق، فهي التفاتة جمالية بحق ومظهر تربوي وجمالي عميق يحفظ السلوك الإسلامي في الشارع ويحفظ أرواح المسلمين، وفي نفس الوقت يُبقِي على نظافة الطريق الذي يستخدمه الناس في حاجاتهم، ما يعكس صورة حضارية جذابة للمجتمع المسلم تلفت نظر أهله ونظر غير المسلمين من زائرين أو مسافرين.
إلا أنه بمرور الأيام تتجدد المخاوف من حالات الفراغ التي يعاني منها شبابنا، والتي يستغلها بعضهم في ممارسة التهور في القيادة والتفحيط الذي اعتادوا عليه، ضاربين عرض الحائط بأدب الطريق الذي حث عليه الإسلام، وهذا بدوره يسهم في رفع نسبة الحوادث في عموم البلاد ورفع عدد القتلى جراء هذه الحوادث. وهذا التهور يعتبر جريمة مجتمعية وأحد الأخلاقيات السيئة التي يمارسها بعض أفراد المجتمع مستهينين بالأرواح التي يمكن أن تزهق بسبب هذه الأفعال، هذا فضلاً عن السيارات والمنشآت والطرق التي ربما تتضرر من تلك الحوادث. فكم من أرواحٍ حصدت! وكم من نفوسٍ أزهقت! وكم من بيوتٍ دمرت! وكم من أسرٍ شتت! وكم من أطفالٍ يتمت! وكم من نساءٍ رملت! كم بترت من أطراف وطمست من أوصاف! كل ذلك بسب اللا مسؤولية التي باتت مسيطرة على كثير من شبابنا.
إن السيارة نعمة من نعم الله، وأيُّ نعمة! فكم قضت من حاجة، وكم أسعفت من مريض، وكم أغاثت من ملهوف! ناهيك عن الطاعات والقربات من سيرٍ إلى المساجد، أو حج وعمرة، أو بر والدين، أو صلة رحم، أو عيادة مريض.
ولقد أشار الله إلى هذه النعمة المتجددة، أعني نعمة وسائل النقل، قبل ألف وأربعمائة سنة، فقال سبحانه كما في سورة النحل: (وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) [النحل:7-8].
قال الشيخ ابن سعدي -رحمه الله-: (ويخلق ما لا تعلمون) مما يكون بعد نزول القرآن من الأشياء التي يركبها الخلق في البر والبحر والجو، ويستعملونها في منافعهم ومصالحهم. انتهى كلامه. إنها نعمة عظيمة، تستوجب شكرَ المنعم سبحانه، وتسخيرَها فيما يحبه ويرضاه. لكننا، في هذا الزمان، رأينا كيف يحوّل بعض الناس هذه النعمة إلى نقمة، ورأينا الشباب بالأرواح يغامرون، وبالأبرياء يضحون، وللأموال يبددون.
لقد فتن كثير من شبابنا بظاهرة التفحيط، فأصبحوا -وللأسف- يتفننون في أنواع الحركات المميتة، من تربيع وتخميس، وسلسلة واستفهام، بل وحركة الموت التي يأتي فيها المتحدي من جهته بأقصى سرعة، ثم يقابل المتحدي الآخر وجهاً لوجه، والجبان هو من ينحرف عن الآخر! وقد يكون كل منهما شجاعاً فتقع الكارثة، كما ذكر أحد المسؤولين في المرور، وقال: كان آخر ضحايا هذه الحركة شابين، توفي أحدهما في الحال، ونقل الآخر إلى الإنعاش.
وفي مختاراتنا لهذا الأسبوع انتقينا لكم مجموعة من الخطب المختارة، محاولين وضع العلاج الذي من شأنه أن يعالج أو يخفف من حدة هذه الظواهر..
الخطبة الأولى: حوادث السيارات وآداب القيادة؛ للشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس
الخطبة الثانية: حوادث السيارات؛ للشيخ عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس
الخطبة الثالثة: القيادة والتفحيط؛ للشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ
الخطبة الرابعة: آداب السير والمرور؛ للشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
الخطبة الخامسة: الحوادث المرورية؛ للشيخ ناصر بن عمر العمر
الخطبة السادسة: التفحيط والامتحان؛ للشيخ صالح بن عبد العزيز التويجري
الخطبة السابعة: التفحيط والتهور بالسيارة؛ للشيخ سامي بن خالد الحمود
الخطبة الثامنة: أسبوع المرور الخليجي؛ للشيخ راشد الناصر
منقول : ملتقى الخطباء – ركن الخـــطب