خطبة الجمعة بتاريخ 28 محرم 1428هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
نظام المرور وقاية من الشرور
الحَمْدُ للهِ ربِّ العالَمين، خلقَ كلَّ شيءٍ فقدَّرَهُ تقديراً، وكانَ وما زالَ على كلِّ شيءٍ قديرا، أحمدهُ سُبحانَهُ بما هوَ لهُ أهلٌ مِنَ الحمدِ وأُثني عليه، وأومنُ بهِ وأتوكَّلُ عليه، مَنْ يهدهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، الحكيمُ العليمُ العليُ العظيم، أجرى سُنَنهُ الكونيّةَ بترتيبٍ وتنظيم، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمّداً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، دعانا إلى سُلوكِ طُرُقِ السلامة، وجعلَ هديهُ إلى ذلك سبيلاً وعلامة، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أجمعين، والتابعينَ لهم بإحسانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ.
أَمَّا بَعْدُ، فيا أيُّها المُسلِمُون : إنَّ النظامَ في كُلِّ شيءٍ مسلكٌ رشيد، وتصرُّفٌ حميد، لذا دعا إليهِ الإسلامُ وحثَّ عليه، فَوَجَّهَ أنظارَ الناسِ إلى الكونِ حولَهم لِيعلموا أنَّ كُلَّ شيءٍ في هذا الكونِ يسيرُ وِفْقَ ضوابطَ مُحكَمةٍ يظهرُ فيها الترتيبُ والانتظامُ العجيب، يقولُ اللهُ تعالى: (( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ، وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ، تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ))(1)، إنَّ الأجرامَ السماويةَ تسبحُ في أفلاكِهَا وفقَ ترتيبٍ وإحكام، لا اختلالَ فيهِ ولا اصطدام، يقولُ اللهُ تعالى: ((لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)) (2) ، فالجمالُ المُعجِزُ والنظامُ الباهرُ في كلِّ مخلوقاتِ اللهِ واضحٌ وظاهر، وهوَ مبثوثٌ في الكونِ بكلِّ أنحائِهِ ومختلفِ أرجائِهِ لِيَدلَّ دلالةً واضحةً أنَّ اللهَ القويَّ القديرَ خلقَ كلَّ شيءٍ بنظامٍ وميزانٍ وتقدير، يقولُ اللهُ تعالى: ((إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)) (3) ، ويقولُ جلَّ شأنُه: ((وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ))(4)، فليأخذِ الإنسانُ مِنْ هذا النظامِ والترتيب، والخَلْقِ المتوازنِ العجيبِ دروساً تُعينُهُ على اتخاذِ النظامِ قاعدةَ عملِه، لِتُثمِرَ أعمالُه الثمارَ اليانعة، وتأتيَ بالنتائجِ المفيدةِ النافعة، فالعملُ إذا افتقدَ النظامَ هوَ عملٌ عقيمٌ أبترُ، ضررُهُ أكثرُ مِنْ نفعهِ إنْ كانَ فيهِ نفعٌ، وشرُّهُ أكثرُ مِنْ خيرِهِ إنْ كانَ فيهِ خيرٌ، فكيفَ والنفعُ فيهِ مفقودٌ، والخيرُ منهُ غيرُ مرجوٍّ ولا موجود؟. عبادَ الله : لمَّا كانَ النظامُ مِنْ ثوابتِ الكونِ وأساسياتِ وجودهِ استلزمَ على الإنسانِ التقُّيدَ بهِ في مشيهِ ومرورِه، كي يستقيمَ سيرُهُ في بَرِّهِ وبحرهِ وأجوائِه. إنَّ نظامَ المرورِ وتعليماتِه، وإرشاداتِهِ وإشاراتِه، ضروريٌ وهامٌ، لما فيهِ من خيرٍ ونفعٍ عام، لأنَّهُ نظامٌ يُقصَدُ مِنْ ورائِهِ حمايةُ حياةِ الإنسان، وهو مقصدٌ عظيم، في طليعةِ الأهدافِ التي كَفَلَها الدِّين، واتفقَتْ عليها شرائعُ أنبياءِ اللهِ ورسلهِ أجمعين، فأيُّ اعتداءٍ على هذا الحقِّ وأيُّ خَرقٍ لقواعدِهِ يُعدُّ جريمةً نكراءَ وفعلةً شنعاء، وإذا كانَ إتعابُ حيوانٍ أو إهدارُ حياتِهِ يعدُّهُ الإسلامُ ذنباً كبيراً وجُرماً خطيراً فكيفَ بمَنْ يتسبَّبُ في إصابةِ إنسانٍ أو قتلِه؟ فالأمرُ إذاً جِدُّ خطير، لأنَّ تبعاتِهِ أليمةٌ ونتائجَهُ وخيمة. إنَّ قتلَ نفسٍ واحدةٍ يساوي في نظرِ الإسلامِ قتلَ جميعِ البشريَّةِ وكلِّ الإنسانية، فمِنَ التهاونِ والإسفافِ النظرُ إلى هذا الأمرِ باستخفاف، يقولُ تعالى: ((مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً)) (5) ، ويقولُ ابنُ عباسٍ -رضيَ اللهُ عنهما-:(( قُتِلَ بالمدينةِ قتيلٌ على عهدِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- ولم يُعلَمْ مَنْ قتلَهُ فصعدَ النبيُ -صلى الله عليه وسلم- المنبرَ فقال: يا أيُّها الناسُ يُقتَلُ قتيلٌ وأَنا فيكُم ولا يُعلَمُ من قتله، لو اجتمعَ أهلُ السماءِِ والأرضِ على قتلِ امرئٍ لعذبَهُمُ الله)). عبادَ الله : إنَّ مِنَ النِّعمِ التي أنعمَ اللهُ بها على الإنسانِ وسائلَ المواصلاتِ قديمَهَا وحديثَهَا، وقد جمعَ اللهُ عزَّ وجلَّ جميعَ وسائلِ الرُّكُوبِ القديمِ منها والحديثِ في آيةٍ كريمةٍ ذُكِرَت في معرضِ الحديثِ عَنْ نِعَمِ اللهِ على الإنسانِ حيثُ يقولُ تعالى: (( وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ)) (6) ، ويندرجُ في قولِه تعالى: ((وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ)) كلُّ ما يُستَجَدُّ مِنْ وسائلِ المواصلاتِ إلى قيامِ الساعة، ومِنْ أكثرِ هذهِ الوسائلِ استعمالاً وشُيوعاً المركباتُ بمختلفِ أنواعِهَا، وإذا كانتْ كلُّ نعمةٍ تستوجبُ شُكراً؛ فإنَّ شُكرَ اللهِ تعالى على هذهِ النعمةِ المُتاحةِ -التي تَكفُلُ للإنسانِ سُرعةَ الوصولِ والمُتعةَ والراحة- يكمنُ في حُسنِ استعمالِهَا لِتبقى مصدرَ هناءٍ وإسعاد، لا مصدرَ قلقٍ وإزعاج، ومِنَ الحكمةِ والتعقُّلِ في استعمالِ هذه النعمةِ التحكُّمُ في سُرعتِهَا بالقدرِ المناسبِ للحالِ والمكان، فلا سُرعةٌ تُخِلُّ، ولا بُطءٌ يُربِكُ ويُعيقُ ويُملّ، إنَّ السرعةَ والعجلةَ في قيادةِ المركبةِ قد تُفقِدُ الإنسانَ أجلَه، وقد يَفقدُ الآخرونَ بسببِها آجالَهم، فهوَ -والحالُ كذلك- إما منتحرٌ أو قاتل، وكلا الأمرَينِ خطيئةٌ جسيمة، لها عواقبُ مُرّةٌ ووخيمة، فمَنْ قتلَ نفسَهُ أو تسبَّبَ في قتلِ أخيهِ خسرَ دنياهُ وأُخراه وذلكَ هوَ الخسرانُ المبين، واللهُ تعالى يقول: ((وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً، وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً))(7)، ويقولُ جلَّ شأنهُ: ((وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ))(8). عبادَ الله : إنَّ الرِّفقَ والأناةَ والحلمَ صفاتٌ حضاريةٌ تدلُّ على التبصُّرِ والعلم، وهي صفاتٌ متقاربةُ الدلالة، مَنِ اتصفَ بها وتمسَّك بأهدابها فاز ونجا، وقائدُ أيِّ مركبةٍ في حاجةٍ ماسَّةٍ إلى التحلِّي بهذه الصفاتِ لِيُباركَ اللهُ مسعاه، ويصلَ سالماً إلى هدفِه ومبتغاه، فالرفقُ في كلِّ الأمورِ زَينٌ وعدمُه شَين، والذي يلتزمُ الرِّفقَ في القيادةِ ينالُ الخيرَ ويُدركُ السعادةَ، يقولُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- : ((مَنْ أُعطِيَ حظَّهُ مِنَ الرِّفقِ فقدْ أُعطِيَ حظَّهُ مِنَ الخَيْرِ، ومَنْ حُرِمَ حظَّهُ مِنَ الرفقِ فقد حُرِمَ حظَّهُ مِنَ الخير))، ومَنْ اتخذَ التريُّثَ والأناةَ مسلكَهُ وعادتَهُ جَنى محبَّةَ اللهِ ودُخولَ جنَّاتِه، يقولُ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- لرجلٍ مِنْ أصحابه: ((إنَّ فيكَ خِصلتَينِ يُحبُّهمَا الله: الِحلْمَ والأناة))، والأناةُ صفةُ كلِّ رزينٍ وقور، ومَنْ اتصفَ بالوقارِ والرزانةِ جَمَّلَهُ ذلكَ وزانه، إنَّ الملتزمَ بالأناةِ في قيادةِ سيارتِهِ سيصلُ بمشيئةِ اللهِ سالماً إلى هدفهِ وبُغيَتِه، أما المُسْرعُ العجولُ فلنْ يجنيَ مِنْ وراءِ السرعةِ والعجلةِ إلا الحرمان، فكلُّ مَنِ استعجلَ شيئاً قبلَ أوانِهِ عُوقِبَ بحرمانِه، كما أنَّ قائدَ السيارةِ في حاجةٍ إلى قَدْرٍ كبيرٍ مِنَ الِحلْم، فبالحِلْمِ يستطيعُ المرءُ أنْ يتحكَّمَ في أعصابهِ إنْ ضايقَهُ في مسيرهِ إنسان، أو آذاهُ بتصرُّفٍ سيءٍ أو هجْرٍ مِنْ لسان، والمرءُ قدْ يُفاجَأ وهو يقودُ سيارتَهُ بِمَنْ يُضَيِّقُ عليهِ الطريقَ فإذا لم يكن حليماً شَعرَ بالتوتُّرِ والغضبِ والضعفِ، فيَفقِدُ مِنْ أجلِ ذلكَ توازنَهُ، وربما أدى ذلك إلى فقدانِ السلامة، ومِنْ ثَمّ الحسرةُ والندامة. فاتقوا الله -عبادَ الله-، واعلمُوا أنَّ الالتزامَ بنظامِ المرورِ وقواعدهِ مما يدعو إليهِ الدَّين، حيثُ الهدفُ منهُ المحافظةُ على سلامةِ الإنسان، وهو حقٌ مكفولٌ في الإسلامِ ومُصَان. أقُولُ قَوْلي هَذَا وَأسْتغْفِرُ اللهَ العَظِيمَ لي وَلَكُمْ، فَاسْتغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَادْعُوهُ يَسْتجِبْ لَكُمْ إِنهُ هُوَ البَرُّ الكَرِيْمُ. *** *** *** الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِيْنَ، وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ، وَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْنَ، وَنَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّنَا مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ إِمَامُ الأَنبِيَاءِ وَالْمُرْسَلِيْنَ، وَأَفْضَلُ خَلْقِ اللهِ أَجْمَعِيْنَ، صَلَوَاتُ اللهِ وَسَلاَمُهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَالتَّابِعِيْنَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ. أَمَّا بَعْدُ، فيا أيها المسلمون : إنَّ الطُّرقَ التي يسلكُها الناسُ عادةً لقضاءِ مطالبِهم، وإنجازِ مآربِهم هي نعمةٌ من نِعَمِ اللهِ عزَّ وجلَّ عليهم، بدونها تضيقُ الأرضُ مع سعتِها ورحابتِها على الناسِ فهِيَ مِنَ البدايةِ إلى النهايةِ طرائقُ إرشادٍ ومصدرُ هداية، والقرآنُ الكريمُ حافلٌ بالآياتِ الكريمةِ الدالَّةِ على ما في هذهِ النعمةِ العظيمةِ مِنْ منزلةٍ وقيمة، يقولُ اللهُ تعالى: ((وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)) (9) ، ويقولُ جلَّ شأنُه: ((الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ مَهْداً وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلاً))(10)، ويقولُ عزَّ مَنْ قائل: ((وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)) (11) ، ويُوجِّهُ نوحٌ –عليه السلام- قومَهُ إلى شكرِ اللهِ على هذهِ النعمةِ فيقول: (( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ بِسَاطاً، لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلاً فِجَاجاً)) (12) ، وحتى تبقى الطرقُ مصدرَ إسعادٍ لا إزعاجٍ فقدْ جعلَ الإسلامُ للطريقِ حقاً يجبُ أداؤه، ويتحتَّمُ ويلزمُ إعطاؤه، ومِنْ أعظمِ حقوقِ الطريقِ كفُّ الأذى عنِ الناس، وهو مطلبٌ إيمانيُّ لازم، وأمرٌ مستمرٌ دائم، يجبُ تحقيقُهُ في كلِ زمانٍ ومكان، بَيْدَ أنهُ لمَّا كانَ عبورُ الناسِ في الطرقاتِ أمراً لا غنى للناسِ عنه، وكانَ الأذى فيهِ مُتوقَّعاً نظراً لأنَّ الناسَ فيهِ يغدُونَ ويَرُوحون، وربَّما يتسابقونَ فيهِ ويزدحمون، لمَّا كانَ الأمرُ كذلك خُصّ بالنهي عَنِ الأذى فيه، فَمَنْ آذى الناسَ في طُرقِهم بأيِّ لونٍ مِنْ ألوانِ الإيذاءِ ظلمَ وأَثِمَ وأساء، يقولُ اللهُ تعالى: ((وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً)) (13) ، ومِنْ ألوانِ الإيذاءِ عدمُ التقيُّدِ بتعليماتِ المرورِ وإشاراتِ العبور، فالطريقُ للجميعِ ولكلِّ إنسانٍ حقٌ فيه؛ فلا يَحِلُّ لأمرئٍ أنْ يُخالفَ قواعدَ المرور، بدافعٍ مِنَ التسرُّعِ والعبور، حمايةً مِنَ الحوادثِ ووقايةً من الشرور. فاتقوا الله -عباد الله-، وأعطوا الطريقَ حقَّه؛ تحمونَ أنفسَكم مِنْ كُلِّ ضَيْرٍ ومشقَّة. هَذَا وَصَلُّوْا وَسَلِّمُوْا عَلَى إِمَامِ الْمُرْسَلِيْنَ، وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِيْنَ، فَقَدْ أَمَرَكُمُ اللهُ تَعَالَى بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ عَزَّ قَائِلاً عَلِيْماً: (( إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِيْنَ آمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا )) (14). اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيْمَ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْرَاهِيْمَ، فِي العَالَمِيْنَ إِنَّكَ حَمِيْدٌ مَجِيْدٌ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنْ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِيْنَ، وَعَنْ أَزْوَاجِهِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ، وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ أَجْمَعِيْنَ، وَعَنْ المُؤْمِنِيْنَ وَالمُؤْمِنَاتِ إِلَى يَوْمِ الدِّيْنِ، وَعَنَّا مَعَهُمْ بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ جَمْعَنَا هَذَا جَمْعاً مَرْحُوْماً، وَاجْعَلْ تَفَرُّقَنَا مِنْ بَعْدِهِ تَفَرُّقاً مَعْصُوْماً، وَلا تَدَعْ فِيْنَا وَلا مَعَنَا شَقِيًّا وَلا مَحْرُوْماً. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالعَفَافَ وَالغِنَى. اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَرْزُقَ كُلاًّ مِنَّا لِسَاناً صَادِقاً ذَاكِراً، وَقَلْباً خَاشِعاً مُنِيْباً، وَعَمَلاً صَالِحاً زَاكِياً، وَعِلْماً نَافِعاً رَافِعاً، وَإِيْمَاناً رَاسِخاً ثَابِتاً، وَيَقِيْناً صَادِقاً خَالِصاً، وَرِزْقاً حَلاَلاً طَيِّباً وَاسِعاً، يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلاَمَ وَالْمُسْلِمِيْنَ، وَوَحِّدِ اللَّهُمَّ صُفُوْفَهُمْ، وَأَجمع كلمتهم عَلَى الحق، وَاكْسِرْ شَوْكَةَ الظالمين، وَاكْتُبِ السَّلاَمَ وَالأَمْنَ لِعَبادك أجمعين. اللَّهُمَّ رَبَّنَا احْفَظْ أَوْطَانَنَا وَأَعِزَّ سُلْطَانَنَا وَأَيِّدْهُ بِالْحَقِّ وَأَيِّدْ بِهِ الْحَقَّ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ. اللَّهُمَّ رَبَّنَا اسْقِنَا مِنْ فَيْضِكَ الْمِدْرَارِ، وَاجْعَلْنَا مِنَ الذَّاكِرِيْنَ لَكَ في اللَيْلِ وَالنَّهَارِ، الْمُسْتَغْفِرِيْنَ لَكَ بِالْعَشِيِّ وَالأَسْحَارِ. اللَّهُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاء وَأَخْرِجْ لَنَا مِنْ خَيْرَاتِ الأَرْضِ، وَبَارِكْ لَنَا في ثِمَارِنَا وَزُرُوْعِنَا يَا ذَا الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ. رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ. رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوْبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً، إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ. رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُوْنَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، إِنَّكَ سَمِيْعٌ قَرِيْبٌ مُجِيْبُ الدُّعَاءِ. عِبَادَ اللهِ : (( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيْتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُوْنَ )).