خالد بن مسعود العامري
دائماً ما تشير الاحصاءات التي تصدرها الجهات المعنية بالمرور الى تصدر الحوادث التي يرجع سببها الى الهاتف على رأس قائمة المسببات الرئيسية للحوادث المرورية التي تحصد أرواح العديد من الأبرياء بسبب هذا الجهاز الذي للاسف اصبح البعض لا يتركه إلا في فترة النوم فقط ولو تم اختراع طريقة لربطه بالانسان وهو نائم فإنني أجزم لن يتوانى مدمنو الهاتف عن استخدامه سواء كانوا في يقظتهم او غفوتهم.
لن أتحدث في هذا المقال عن الحوادث المرورية التي كان الهاتف سببها الرئيسي فقد اخذ هذا الموضوع ومازال حيزاً هاماً وواسعاً من الطرح سواء في وسائل الاعلام المختلفة من خلال الموضوعات والبرامج والنشرات والندوات والمقالات .. وغيرها التي أسهبت في توضيح الآثار المترتبة عن جهاز الهاتف والتحذير من مخاطر هذه القنية التي خطفت المراكز الاولى لمسببات الحوادث المأساوية عن السرعة التي كانت متربعة لسنوات طويلة على مشهد الحوادث المرورية.
ما أردت توضيحه هنا أن الهاتف الهاتف أصبح ايضاً هو ابرز الاسباب ان لم يكن الوحيد في الازدحامات الطويلة على الطرق ولن انقصه حقه ان اعتبرته ـ فيروس ـ يشل الحركة المرورية خاصة في الطرق التي يوجد بها دوارات او اشارات ضوئية فإما ان تتوقف الحركة لهذه الاسباب حتى تشاهد الغالبية العظمى من سائقي المركبات قد رفعوا اجهزة الهاتف واخذوا يتصفحون برامجه التي لاتنتهي ويتضح ذلك اكثر خلال الفترة المسائية حيث بإمكانك مشاهدة اضواء الهاتفات وهي تبرق في ايدي السائقين الا ما ندر.
في إحدى المرات أردت أنا واحد زملائي أن نرى كيف يمكن ان يكون الهاتف سبباً في الازدحام وبالفعل ولن اقولها مبالغاً اننا شاهدنا على أحد الدوارات في فترة المساء ان معظم قائدي المركبات منشغلين بالهاتف انشغالاً تاماً ناسين انهم على الطريق فتشاهد ان هناك مركبات تسير ببطء شديد ولا توجد مركبات امامهم وعندما تتجاوزهم فإنك تعرف السبب وهو انشغالهم بالهاتف ضاربين عرض الحائط بالتنبيهات التي يطلقها لهم سائقو المركبات الذين يمتعضون من قيادتهم البطيئة جداً.
لا نعلم ماهية الطريقة التي يمكن بها معالجة هذه الاشكالية التي جنيناها نتيجة ضريبة التقنية فكان الوضع سابقاً قبل دخول برامج الهاتف المختلفة وطفرة التكنولوجيا المعلوماتية في وسائل الاتصال ان ينشغل السائق فقط بمكالمة هاتفية خلال قيادته المركبة ولكن يكون بصره على الطريق حتى وان كان منشغلاً ذهنياً فقط، أما الآن فالوضع تغير فقد اصبح الانشغال الذهني والادراكي وحتى البصري مجتمعة جميعها في آنٍ واحد .. فلك عزيزي القارئ أن تتخيل كيف سيكون عليه سائق المركبة في هذه الحالة .. هل سينتبه للطريق وهو في عالم آخر مع برامجه التي لا تعد ولاتحصى وكأنه لو وضع هاتفه ولو لبرهة بسيطة من الوقت لخسر الكثير فلايعلم انه بهذا التصرف والانشغال قد يخسر حياته في المقام الاول.
*نقلًا من جريدة الوطن