إبراهيم بن عبدالله السالمي
ينطلق غدا الثاني عشر من مارس أسبوع مرور دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبنظرة بسيطة وتحليل أبسط نجد أن ما يتم تداوله بيننا عند الحديث عن هذا الأسبوع في جلساتنا وتجمعاتنا هو تنبيه بَعضنا البعض -سائقي المركبات- بضرورة التقيد هذا الأسبوع بقوانين المرور من باب أن أعين شرطة المرور ستكون أكثر تركيزا وأدق حرصا على تطبيق النظام مقارنة بباقي الأيام، بل يصل الأمر إلى أن بعض الشباب يتوقعون الأماكن التي سوف ينتشر فيها شرطة المرور بصورة أكبر وأكثر، فلذلك يكسر الكثيرون منا عادات اعتادها فتبدأ مظاهر الالتزام في كثير من الأنظمة ليس حبا في النظام ذاته وليس من منطلق الحرص على سلامتنا ولكن لأجل تجنب شرطة المرور التي يتوقع أنها ستكون أكثر انتشارا وصرامة في أسبوع مرور دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تجنبا للمخالفات المرورية لا أقل ولا أكثر.
فماذا لو؟
فماذا يحدث للوعي المجتمعي بالسلامة على الطريق لو استثمرنا هذا الأسبوع لترسيخ عادة نعتداها يوميا قبل الشروع في قيادة السيارة؟ ماذا لو التزمنا على سبيل المثال أن يكون وضع حزام الأمان عادة يجب أن تكون قبل الانطلاق بالسيارة وشرعنا في تطبيق هذه العادة انطلاقا من أسبوع المرور هذا وجعلناها مستمرة لتصبح سلوكا يوميا لدى كل سائق وسائقة؟ ماذا لو كان كل واحد منا هو شرطي نفسه وهو الرقيب الأول على هذه العادة فلا يبدأ بقيادة السيارة قبل وضع حزام الأمان، هل يا ترى يمكن أن تصلح هذه العادة سلوكا معتادا يحقق لنا هدفين في آن واحد، وهما الهدف الأول وهو الغاية الأسمى سلامتنا من مخاطر الطريق، والهدف الثاني يجنبنا المخالفة المرورية التي تقدر بقيمة مالية في نظم قواعد المرور.
التغيير المكتسب
إن التغيير في سلوك الإنسان إما أن يكون فطريا يقوم به الإنسان من ذاته لأجل ذاته، وإما أن يكون مكتسبا يقوم به من خلال الإرادة والممارسة والتكرار. ونحن في صدد الحديث عن “حياتنا أمانة” الشعار الذي تتخذه دول مجلس الخليج ينبغي لنا في مجتمعاتنا الخليجية بشكل عام وفي مجتمعنا العماني بصورة خاصة أن ندرك أهمية التغيير المكتسب الذي يجب أن يكون من خلال عادات نمارسها يوميا على الطريق، وأن لا نترك هذا التغيير فقط مبنيا على ما تقوم به شرطة المرور من جهود في تغيير العادات السيئة من خلال اللوائح والأنظمة والتوجيه والإرشاد والدعاية والإعلان والإعلام. فجميع تلك الجهود هي بمثابة المبادرات التي يجب أن تنتقل من حيّز الشرطة القائمة على متابعتها وتنفيذها إلى حيّز المجتمع الذي ينبغي له ويجب عليه ممارستها بالسلوك والمعرفة والوعي لكي يتحقق الهدف ونصل جميعا للغاية المنشودة.
منجزات بالأرقام
إن المتتبع لإدارة المرور والمنصف لجهودها لا يعتريه أدنى شك وهو يقرأ الإحصائيات والأرقام والمؤشرات الدالة على تقدم ملحوظ وملموس في انخفاض نسبة الحوادث وفي ارتفاع منسوب الوعي لدى مجتمعنا في أهمية الالتزام بأنظمة وقواعد المرور، وهذا الوعي الذي أشير إليه ليس مبنيا فقط على النسب الإحصائية لحوادث المرور وتبعاتها بل يؤكده أكثر من ٤٥٠ ألف متابع لحسابات التواصل الاجتماعي لإدارة المرور فضلا عن ٥٥٪ شكلت انخفاضا في نسبة الحوادث و ٣٦٪ في نسبة الإصابات و ٤٥٪ في نسبة الوفيات ما بين عامي ٢٠١٢ وعام ٢٠١٦م، ولا شك أن عائد ذلك لا يتوقف على أرقام مجردة بل تعود عوائدها من حيث ندري ولا ندري على المجتمع صحيا وأسريا اجتماعيا واقتصاديا.
إن تلك المنجزات التي آخرها حصد جائزة قمة رواد التواصل الاجتماعي على مستوى الوطن العربي عن فئة الأمن والسلامة ينبغي أن تكون دافعا وحافزا لجميع سائقي المركبات في إضافة ومضاعفة الجهود على الالتزام بممارسة “عادات مرورية” -إن جاز التعبير- سوف يكون لها عائد أكبر لتحقيق شعار “حياتك أمانة”، وسوف تساهم بشكل أكبر وعلى محيط أوسع في مجتمعنا العماني على تنمية الوعي بالسلامة المرورية.
واجب الجميع
فليكن أسبوع مرور دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية حاضرا في كل بيت وفي كل مؤسسة وعند كل حديث بيننا في كل مكان له علاقة بالسلامة والحياة الآمنة المطمئنة من مخاطر الطريق، ولنتبن الحديث أضعافا مضاعفة في كل وسائلنا الإعلامية المتاحة بالإشارة وبالتلميح وبالتصريح ولنحرص جميعا على اكتسابات “عادات مرورية” تكون بمثابة الحصن الحصين ضد مخاطر الطريق، ولينبه بَعضُنَا البعض عليها ولنناصح، فبذلك نكتسب ببساطة سلوكا معتادا قد لا نكتسبه بسهولة من خلال التوجيه المباشر ومن خلال فرضه علينا بقوة القانون الذي يجب.
متمنيًا دعمًا لاكتساب العادة أن تخصص شرطة عمان السلطانية متمثلة في الإدارة العامة للمرور شهرا لكل عادة ينبغي أن يلتزم بها السائقون وأن تكثف وسائل الإعلام بمختلف صنوفها الحديث عن تلك العادة جنبا إلى جنب مع كافة المؤسسات العامة والخاصة حتى نتمكن من خلق عادات يعتادها كل سائق ممارسة وسلوكا ووعيا ومعرفة.