“حياتك أمانة”، شعار اسبوع مرور دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية..
يستشرف في ذات الإنسان مستخدم الطريق قيمة الحياة وتعميق روح المسؤولية لديه بواجباته نحو استخدام المركبة والتعامل مع الطريق، وموجهات عمل تقوم على استشعار الإنسان لقيمة وجودة في الحياة ودوره في توظيف واستثمار مواردها وامكانياتها لما فيه خيره وسعادته، والتي لا تتحقق إلا في ظل تكامل في أدوار كل أعضائه الفكرية والحسية والعقلية والوجدانية والجسدية لتتفاعل بدورها في بناء شخصيته وتكوين مسار حياته فترصد تحركاته وتضبط مسارات عمله.
وتنمّي فيه قيمة البحث عن كل ما يصنع لحياته قوة ويبني فيها هدفا ويعزز فيها أملا بقادم جديد، ويتعدى ذلك إلى حياة الآخرين منطلقا من النهج الرباني القائل « ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا» المائدة ، 32، هذا التناغم بين مدركات الإنسان جميعا، هو ما يتيح له فرص الاستمتاع بالقيادة.
وتوظيف المركبة واستخدام الطريق، واحترام حقوقه والتزام حدوده، وأدراك هدف كل ما أتيح فيه من إشارات ضوئية أو تعليمات ولوحات ارشادية أو ما تم إيجاده من أدوات تسهم في تيسير حركة السير وتنظيمها، عبر كاسرات السرعة وأنظمة المراقبة المرورية، أو التواجد الشرطي لمراقبة الطرقات، ورصد حركة السيارات ، هذا الشعور الايجابي لدى الفرد قائد المركبة أو مستخدم الطريق، عندما يتحقق في ذاته يصبح شعاره ومبدأه في التعامل مع كل متعلقات السلامة على الطريق، ويجد في كل الموجهات السابقة.
طريقه لقيادة متأنية سالكة به درب الرشاد، واستخدم للمركبة تعلوه حكمة المبدأ، وقيمة الذوق والاحترام، وانتظار ملؤه الصبر والتحمل وعدم التعجل عند حدوث موقف مفاجئ بازدحام مروري أو حادث في الطريق، وسكينة تنطبع على طريقة القيادة في دقة استخدام المقود، وفتح المجال لسيارات الاسعاف أو الشرطة أو المواكب الرسمية.
فلا ازعاج باستخدام صوت السيارة الصاخب، ولا تجاوز في غير محله، أو تسّرعاً يؤدي إلى مصيبه، فينتقل بهذه المدركات إلى مرحلة متقدمة من الوعي والادراك والشعور، بأن ما قام به من ممارسات سليمه كانت نتيجتها خير له، فيتحول في ظل هذه الموجهات إلى مرحلة أقوى من الالتزام الذي يصنعه في نفسه ويعمل على تحقيقه في الآخرين.
في مرحلة عمق الشعور بالمسؤولية الذاتية ، فالحياة أمانة لديه، يصنع لها التجديد، ويبني فيها مسار التحول، ويمضي بها قدما إلى مرضاة الله عبر استخدام آمن للطريق واحترام لمستخدميه وأدواته، وفهم للبدائل المتاحة له القائمة على الهدوء والحكمة والصبر والانتظار والتأمل ، واعتراف بدور عناصر المرور في تصحيح سلوكنا وتوجيه مقاصدنا وبناء فرص التأمل في ممارساتنا.
إن اسبوع مرور دول مجلس التعاون الخليجي بما يرصده في أهدافه، ويسعى خلاله إلى بناء ثقافة مرورية واعية مستديمة، محطات متجددة تطل سنويا على واقعنا المروري لتقرأه في ظل مساحات التطوير الحاصلة وعمليات التجديد التي تمضي في مسار تحقيق الهدف، لتتفاعل هذه الجهود مع الواقع وتبرز في سلوك انسان واعٍ، ومجتمع قادر على الأخذ بيد مستخدم الطريق، يوجهه لأفضل المسارات.
ويبني فيه أجمل العادات المرورية، ويعزز وعيه بأفضل السلوكيات والممارسات التي تنشد له واسرته الأمن والأمان والسعادة والاستقرار، وهي في المقابل، ترصد واقعا مليئا بالتحديات وتعدد التوجهات التي يبرزها الواقع المروري ويسعى عبر الشراكة بين دوله ومؤسسات الشرطية والأمنية والاجتماعية والتربوية ومؤسسات المجتمع المدني إلى الحد منها، وحشد التأكيد الاجتماعي على دور الفرد في تحقيق السلامة المرورية، خاصة تلك التي تواجه الشباب في كونهم أكثر الفئات سببا وتأثرا وتأثيرا في الحوادث المرورية.
وإنّ الجميل في منهجيات وأجندة عمل أسبوع المرور الخليجي، تعدد البدائل والأدوات وتنوع في المناشط والفعاليات والوسائل التي ترصد واقع تعامل الشباب مع الطريق واستخدامه له، ومبادراته وأفكاره وقناعاته ومساهمته، ومشاركة طلبة التعليم ما قبل المدرسي والمدارس والجامعات ومؤسسات التعليم العالي والجمعيات التطوعية والمبادرات الفردية والمجتمعية والمسابقات والاصدارات والمنشورات والتوعيات الاعلامية عبر الاعلام المقروء والمسموع والمرئي وشبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية للمؤسسات الشرطية بدول مجلس التعاون الخليجي وموقع الادارة العامة للمرور بشرطة عمان السلطانية، كونها فرصاً يمكن خلالها بناء اطار عمل يتيح للجميع فهم مسؤولياته وأدواره في التعامل مع الواقع المروري.
إن شعار “حياتك أمانة” يستلهم من معين المسؤولية الذاتية، قيمته التي يبني خلالها طموحاته في مجتمع خال من الحوادث، ويفتح في ظلها نوافذ الأمل نحو إعادة صياغة الممارسة المرورية، وتعاطينا الايجابي مع التوجيهات والتعليميات والمبادرات والجهود الايجابية الهادفة والاستراتيجيات التي تسعى إليها الإدارات العامة للمرور بدول المجلس في الحد من الحوادث المرورية.
فإن حس الادراك لعظم الأمر وخطورته ومراجعة النفس وتقييم الأدوات التي نستخدمها واضافة أدوات وآليات جديدة وانماط اخرى على مستوى بناء الشخصية ، وتأكيد ضمير المسؤولية في التزام قواعد المرور وانظمة السير، وفتح المجال للنفس لاستيعاب ما تسببنا فيه من مشاهد مروعة للجرائم المرورية على الطرقات ونتائجها في المستشفيات والبيوت لتقف جميعها شاهدة، لممارسات ساذجة، ومشاعر طائشة، وتهور بدون مبرر، وسرعات تقصم الظهر، فلنكن لممارساتنا المرورية واعين.
مدركين واجبنا نحو انفسنا وحياتنا ومجتمعنا وأسرنا، وكلمة شكر لشرطة عمان السلطانية ممثلة في الإدارة العامة للمرور، ومعهد السلامة المرورية على الجهود الريادية في التعامل مع مستجدات العمل المروري وتحدياته وتعميق أطر الشراكات وتوفير البرامج التدريبية والخبرات في هذا الجانب، لما فيه خير الوطن والمواطن.