د.خلفان بن محمد المبسلي
حينما تزهُو السُحبُ فوقَ السَماءِ وتتلبّد بالغيومِ وقتئذٍ تُسّاقط علينا وابلا من الأمطار عندئذ نقول بأنه ليس المراد من السحاب هطول الأمطار فحسب بل يراد من ذلك وجود الأثمار وإسعاد الناس وسرورهم. فمن الناس ومن المؤسسات من يعمل لأجل إسعاد البشر وتحويل آلامهم الى أفراح ويبصرهم بأساليب الهداية والرشاد واستراتيجيات العيش في الحياة بأمان دون همّ وكدر؛ فذلك يستحق أن تحنى له الهامات ويحاط بهالة من التقدير والعرفان.
فما أجمل أن نتقاسم هموم المجتمع ونطرح أفكارا وحلولا تساعد الأخرين على العيش بسلام دون حوادث، أو أن نترك كلمة جميلة في نفوس السائقين تصبح ذو دلالة كبرى على سلوكياتهم، أو صورة معبرة يستوعبها الكبير والصغير فتترك أثرا يبقى خالدا ومرافقا لسلوكيّات البشر فتعمل على تعديلها ونقل أثرها إلى أفراد الأسرة والمجتمع فنعني بذلك مسابقة السلامة المرورية التي تختم اعمالها داخل المحافظات في تنافس قوي فيمن يفكر ويبتكر ويبدع في إيجاد السلامة بين النفوس، وفيمن يعمل بجد واجتهاد في تعديل السلوكيات، وفيمن يعكس أعماله فيبتكر الجديد وقد قيل في ذلك بأنه : ” لكلّ جديد لذة” ولذة جديد لجنة مسابقة السلامة المرورية تكمن في ابتكار أساليب الوقاية من الحوادث وإيصال رسالة للمجتمع بأن نعيش في المجتمع بوقاية وسلام.
قريبا يسدل الستار على مسابقة السلامة المرورية وتنهي دورتها الحالية للعام الجاري والتي أتاحت لجميع المحافظات العمل وفق نطاق التفكير الابتكاري الذي يساعد المجتمع من الخروج من عنق الحوادث المأساوية، ووقف إراقة الدماء والاصابات البليغة، فيصبح المعيار فيما بين المتسابقين هو الابداع في الأفكار المقدمة والتجديد في المواقف التوعوية والخروج عن المألوف والبعد عن المشاركات التقليدية التي لا تضفي شيئا سوى التذمر واليأس، والبعد عن المستهلك من النصوص غير الخارقة للعادة.
وتبقى المسؤولية الكبرى هل تمكنت لجان المسابقة المروية في مختلف المحافظات من إيصال الرسالة الى أفراد المجتمع وهل تمكنت رسالتهم من تعديل سلوكيات الفرد في المجتمع..؟ وهل خلق الابتكار والابداع في إيصال الرسالة لأفراد المجتمع..؟ الإجابة عن هذه التساؤلات سوف تتضح جليا من خلال الأرقام الإحصائية التي تعلنها قيادة الشرطة فانخفاض أرقام الحوادث في الولايات وعبر الطرق السريعة تصبح دلالة على نجاعة موقف لجان مسابقة السلامة المرورية وارتفاع أرقام الحوادث وأعدادها كذلك دلالة على أن أعمال لجان السلامة المروية لم تحقق أهدافها المنشودة.
إنّ الابداع والابتكار والتجديد الذي لمسته لجنة تقييم مسابقة السلامة المرورية لجدير بالذكر فلقد نشطت الولايات في التنافس الشريف لأجل تحقيق أهداف المسابقة وحرصت على تقديم الابداع في مختلف أساليب التوعية فعلى سبيل المثال نشطت ولاية العامرات في جوانب التوعية بطرق ذكية على مستوى الأجيال الصاعدة فابتكرت لعبة منوبولي السلامة المرورية لطلبة المدارس وقدمت دراسة بحثية تهدف الى قياس وعي السائقين بإجراءات الأمن والسلامة في المركبة وفي ضوء نتائجها حددت نوع البرامج التوعوية حسب المتغيرات المتوافرة كما لعبت ولاية السيب أدوارا فاعلة في خيمة شملت اكثر من مائة شركة من القطاع الخاص وخاطبت الفئات المستهدفة بأكثر من لغة إنه تجديد في الرسالة وفن في الخطاب، وغير ذلك من الابتكارات كما عملت ولاية مطرح فأبدعت بجهاز خارق للعادة يرسم الابتسامة للسائقين فيعكس تفكيرهم بأن أسرهم وذويهم في انتظارهم وأن السرعة تطفئ تلك الابتسامة أما ولاية بوشر فاجتهدت وسعت في تعميق الوعي بين أفراد المجتمع كسائر الولايات.
إنّ ما نطمح إليه أن ينعكس ذلك الابتكار والابداع على سلامة الفرد والاسرة والمجتمع ونرسم بسمة السلامة على جميع الأسر بالتكاتف والتعاضد وتقديم الجديد والمفيد لبلادنا الحبيبة عمان.