مصطفى بن أحمد القاسم
مع تعرض الأجواء العمانية بين الحين والآخر لمنخفضات جوية تكون في كثير من الأحيان محمّلة بالخير والغيث العميم وتتساقط كذلك حبات البرد حتى أنها في بعض المحافظات كمحافظة مسندم والجبال الشاهقة بمحافظة الداخلية تكسوها حلّة قشيبة من النقاء الأبيض الذي يعبّر عن صفاء النفس والقلب وتعود الحياة الى بطون الأودية وتغسل الأرض وسفوح الجبال الشامخة بما أنعم الله علينا من نعمة الغيث والرحمة والتي طالما رفعنا أكف الدعاء لله تعالى بها.
ولكن .. ومع أن السلطنة قد شهدت خلال الأيام الماضية هطول أمطار عمّت البلاد وربوعها وأدخلت البهجة والحبور في النفوس ومع التحذيرات التي أطلقتها شرطة عمان السلطانية إلا أننا ما زلنا نلحظ العديد من الأشخاص وقد حاصرتهم المياه في بطون الأودية دون إدراك بأهمية وفحوى التحذيرات من قبل الشرطة أو الهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف والذين ينشرون رجالهم في كل الطرقات محذرين سائقي المركبات بعدم عبور الأودية مهما بلغ حجم ومستوى المياه.فكم من المركبات جرفتها مياه الأودية .. وكم هم الأشخاص الذين هرعت كوادر شرطة عمان السلطانية والدفاع المدني والإسعاف لنجدتهم ناهيكم عن الأشخاص المتطوعين لنجدتهم والمساعدة في عمليات الإنقاذ .. ألا يمكن للشخص التريث قليلاً كي تخف حدة المياه .. وهل هناك داعٍ للعبور إذا كانت هناك خطورة على حياته أو حياة من هم برفقته في المركبة .. لماذا لا يستمع هذا الشخص أو ذاك إلى التحذيرات المتداولة من قبل الجهات المعنية ولماذا نغفلها أو نتغافل عنها على الرغم أنها لم تصدر إلا لسلامة الجميع .. ولماذا نتأثر كثيراً عند مشاهدة مقطع لشخص جرفته مياه الأودية ولا نتعظ بها؟!.
فكم من رجل أمنٍ نجده واقفاً تحت زخات المطر ليوقف المركبات عند بداية جريان أحد الأودية .. وهناك من نجده يجد ويثابر من أجل إنقاذ مركبة أخرى ومن بداخلها وهناك من نراه يزيل الصخور والأتربة بيديه لتسهيل مرور حركة المركبات على أحد الطرق التي شهدت انهيارات صخرية أو طينية ومنهم من يساعد احدى المركبات بعد توقفها المفاجيء وسط الطريق وآخرون يهرعون الى نجدة بعض الركاب بعد تعرضهم لحادث مروري نتيجة الأمطار وغيرهم الآلاف ممن هم على رأس العمل في خدمة الجميع ويحاولون قدر المستطاع توعيتهم بعدم خوض مياه الأودية حرصاً على سلامتهم وحياتهم وممتلكاتهم لهم منا كل التحية والتقدير.
ولذا علينا أن نتعلم من الدروس والعبر التي عشناها في السنوات الماضية في مثل هذه الظروف والأحوال الجوية الاستثنائية والابتعاد عن عبور الأودية مهما كانت الحاجة ملحّة وضرورية والاستماع إلى تحذيرات شرطة عمان السلطانية ونشرات الأحوال الجوية حفاظاً على السلامة العامة .. وحفظ الله الجميع في الحل والترحال وأنعم علينا بالخير والغيث العميم.